الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُوجَدَ فِعْلُ الثَّانِي قَبْلَ انْتِهَائِهِ إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَ الثَّانِي مُذَفَّفًا بِأَنْ جَرَحَهُ الْأَوَّلُ، وَحَزَّ الثَّانِي رَقَبَتَهُ، أَوْ قَدَّهُ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْقِصَاصُ فِي الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ، أَوِ الْمَالِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُتَوَقَّعَ الْبُرْءُ مِنَ الْجُرْحِ السَّابِقِ لَوْ لَمْ يَطْرَأِ الْحَزُّ، وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَيْقِنَ الْهَلَاكَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لِأَنَّ حَيَاتَهُ فِي الْحَالِ مُسْتَقِرَّةٌ، وَتَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الثَّانِي مُذَفَّفًا أَيْضًا، وَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا، بِأَنْ أَجَافَاهُ، أَوْ قَطَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ مِنَ الْكُوعِ، وَالثَّانِي مِنَ الْمِرْفَقِ، فَمَاتَ، فَهُمَا قَاتِلَانِ، لِأَنَّ الْقَطْعَ الْأَوَّلَ قَدِ انْتَشَرَتْ سِرَايَتُهُ وَأَلَمُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي الِانْتِهَاءِ إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِينَ، عَمِلَ فِيهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ.
فَرْعٌ.
الْمَرِيضُ الْمُشْرِفُ عَلَى الْمَوْتِ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِهِ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: سَوَاءٌ انْتَهَى إِلَى حَالَةِ النَّزْعِ أَمْ لَا، وَلَفْظُ الْإِمَامِ: أَنَّ الْمَرِيضَ لَوِ انْتَهَى إِلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَبَدَتْ أَمَارَاتُهُ، وَتَعَثَّرَتِ الْأَنْفَاسُ فِي الشَّرَاسِيفِ، لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمَوْتِ، بَلْ يَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْقِصَاصُ.
وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ فِي مِثْلِ حَالِ الْمَقْدُودِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ إِنْهَاءَ الْمَرِيضِ إِلَى تِلْكَ الْحَالَةِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَقَدْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ يُشْفَى، بِخِلَافِ الْمَقْدُودِ، وَلِأَنَّ الْمَرِيضَ لَمْ يَسْبِقْ فِعْلٌ بِحَالِ الْقَتْلِ وَأَحْكَامِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يُهْدَرَ الْفِعْلُ الثَّانِي وَالْقَدُّ وَنَحْوُهُ بِخِلَافِهِ.
فَصْلٌ
فِيمَا إِذَا قَتَلَ إِنْسَانًا يَظُنُّهُ عَلَى حَالٍ وَكَانَ بِخِلَافِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: قَتَلَ مَنْ ظَنَّهُ كَافِرًا، بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ، أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ، فَبَانَ مُسْلِمًا، نُظِرَ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute