فَهَلْ يَثْبُتُ التَّرَادُّ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَأَمَّا الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ وَالْمُقْتَرَضُ إِذَا ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَفِي مُطَالَبَتِهِ كَلَامٌ سَبَقَ فِي كِتَابِ السَّلَمَ.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ: لَا آخُذُ الْقِيمَةَ بَلْ أَنْتَظِرُ وُجُودَ الْمِثْلِ، فَلَهُ ذَلِكَ، نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، هَلْ يُجْبَرُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ. وَلَوْ لَمْ يَأْخُذِ الْقِيمَةَ حَتَّى وُجِدَ الْمِثْلُ تَعَيَّنَ قَطْعًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، إِنْ كَانَا مَضْرُوبَيْنِ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُمَا مِثْلِيَّانِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا صَنْعَةٌ بِأَنْ أَتْلَفَ حُلِيًّا وَزْنُهُ عَشْرَةٌ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ، فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِوَزْنِهَا مِنْ جِنْسِهَا وَالصَّنْعَةَ بِقِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ نَقْدَ الْبَلَدِ أَمْ لَا، لِأَنَّا لَوْ ضَمَّنَّاهُ الْجَمِيعَ بِالْجِنْسِ لَقَابَلْنَا عَشَرَةً بِعِشْرِينَ وَذَلِكَ رِبًا. وَالثَّانِي: يَضْمَنُ الْعَيْنَ بِوَزْنِهَا مِنْ جِنْسِهَا وَالصَّنْعَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الصَّنْعَةَ وَحْدَهَا بِكَسْرٍ يَضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَكْسُورِ أَمْ لَا. وَالثَّالِثُ: يَضْمَنُ الْكُلَّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ تَحَرُّزًا عَنِ الْفَاضِلِ، وَعَنِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ. وَالرَّابِعُ وَهُوَ أَصَحُّهَا: يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الرِّبَا، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي هَذِهِ الْغَرَامَاتِ، هَكَذَا نَقَلَ الْجُمْهُورُ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيِّ، وَهُوَ أَنَّ صَنْعَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوَّمَةٌ، وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي التِّبْرِ. فَإِنْ قُلْنَا: مُتَقَوَّمٌ، ضَمِنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ، وَإِنْ قُلْنَا: مِثْلِيٌّ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ. وَلَوْ أَتْلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute