الْمَجْنُونِ نِكَاحًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ، أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ أَمْوَالِهِ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ، صَحَّ. وَإِنْ قَبِلَهُ بِأَكْثَرِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَالصَّدَاقُ فَاسِدٌ. وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ بِنْتَهُ الْمَجْنُونَةَ أَوِ الْبِكْرَ، أَوِ الصَّغِيرَةَ أَوِ الْكَبِيرَةَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَسَدَ الصَّدَاقُ. وَفِي النِّكَاحِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: صِحَّتُهُ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَفِيمَا إِذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا وَجْهٌ أَنَّهُ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ ; لِأَنَّهُ تَرَكَ مَصْلَحَةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، فَصَارَ كَتَرْكِ الْكَفَاءَةِ. وَلَوْ أَصْدَقَ عَنِ ابْنِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ. أَحَدُهُمَا: يَفْسُدُ الْمُسَمَّى ; لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ، ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَتَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ الْمُسَمَّى ; لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الِابْنِ، بَلْ إِذَا لَمْ نُصَحِّحْهُ أَضْرَرْنَا بِهِ، فَإِنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ، وَبِهَذَا الثَّانِي قَطَعَ الْغَزَالَيُّ وَالْبَغَوِيُّ، وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيُّ فِي «الْأَمَالِي» الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ، وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ الصَّبِيَّ كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَأَعْتَقَ الْوَلِيُّ عَنْهُ عَبْدًا لِنَفْسِهِ، لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ وَإِعْتَاقِهِ عَنْهُ، وَإِعْتَاقُ عَبْدِ الطِّفْلِ لَا يَجُوزُ.
فَصْلٌ
إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى مَهْرٍ فِي السِّرِّ وَأَعْلَنُوا بِأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ، فَعَنِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ: الْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، وَفِي مَوْضِعٍ: الْعَلَانِيَةُ.
وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: إِثْبَاتُ قَوْلَيْنِ: وَفِي مَوْضِعِهِمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَوْضِعُهُمَا إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَلْفٍ، وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُعَبِّرُوا عَنِ الْأَلْفِ فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْنِ. أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبُ أَلْفَيْنِ بِجَرَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute