فَصْلٌ
الْقُدْرَةُ بِالْكَسْبِ كَالْقُدْرَةِ بِالْمَالِ، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ فَلَا خِيَارَ، وَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ لَا يَكْسِبُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ فَلَا خِيَارَ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْسِرٍ، وَلَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمَا يَقَعُ مِنَ التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي النَّسَّاجِ الَّذِي يَنْسِجُ فِي الْأُسْبُوعِ ثَوْبًا تَفِي أُجْرَتُهُ بِنَفَقَةِ الْأُسْبُوعِ، كَذَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمَالِ الْغَائِبِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ، وَقَدْ يُمْكِنُ إِحْضَارُهُ فِيمَا دُونَ أُسْبُوعٍ، وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ هُنَا أَنَّهُ لَا خِيَارَ كَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا عَجَزَ الْعَامِلُ عَنِ الْعَمَلِ لِمَرَضٍ، فَلَا فَسْخَ إِنْ رُجِيَ زَوَالُهُ فِي نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ يَطُولُ، فَلَهَا الْفَسْخُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي بَعْضِ الْأُسْبُوعِ نَفَقَةَ جَمِيعِهِ، فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ فِي أُسْبُوعٍ لِعَارِضٍ فَلَهَا الْخِيَارُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْبَنَّاءَ وَالنَّجَّارَ، وَتَعَذَّرَتِ النَّفَقَةُ كَذَلِكَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا خِيَارَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ نَادِرًا، وَإِنْ كَانَ يَقَعُ غَالِبًا، فَلَهَا الْخِيَارُ.
فَرْعٌ
الْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ إِذَا امْتَنَعَ كَالْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ إِنْ أَوْجَبْنَا الِاكْتِسَابَ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute