بَابٌ.
الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ.
فِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْقَطْعُ وَالْقَاطِعُ وَالْمَقْطُوعُ، وَكَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا مَحْضًا عُدْوَانًا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الطَّرَفِ، فَلَا يَجِبِ الْقِصَاصُ بِالْجِرَاحَاتِ، وَإِبَانَةِ الْأَطْرَافِ إِذَا كَانَتْ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ.
وَمِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ: أَنْ يَضْرِبَ رَأْسَهُ بِلَطْمَةٍ أَوْ حَجَرٍ لَا يَشُجُّ غَالِبًا لِصِغَرِهِ، فَيَتَوَرَّمُ الْمَوْضِعُ، وَيَتَّضِحُ الْعَظْمُ، وَقَدْ يَكُونُ الضَّرْبُ بِالْعَصَا الْخَفِيفَةِ، وَالْحَجَرِ الْمُحَدَّدِ عَمْدًا فِي الشِّجَاجِ، لِأَنَّهُ يُوضِحُ غَالِبًا.
وَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَوْ أَوْضَحَهُ بِمَا يُوضِحُ غَالِبًا، وَلَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْمُوضِحَةِ، فَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ، وَلَا يَجِبُ فِي النَّفْسِ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآلَةُ تُوضِحُ فِي الْغَالِبِ كَانَتْ كَالْحَدِيدَةِ، وَفَقْءُ الْعَيْنِ بِالْأُصْبُعِ عَمْدٌ، لِأَنَّهَا فِي الْعَيْنِ تَعْمَلُ عَمَلَ السِّلَاحِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَاطِعِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ.
وَفِي الْمَقْطُوعِ كَوْنُهُ مَعْصُومًا كَمَا ذَكَرْنَا فِي النَّفْسِ، وَمَنْ قُتِلَ بِهِ الشَّخْصُ، قُطِعَ بِهِ، وَمَنْ لَا، فَلَا.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ التَّسَاوِي فِي الْبَدَلِ، فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَبِالْعَكْسِ، وَالذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ، وَالْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَلَا عَكْسَ فِيهِمَا.
وَتُقْطَعُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ إِذَا اشْتَرَكُوا بِأَنْ وَضَعُوا السِّكِّينَ عَلَى الْيَدِ، وَتَحَامَلُوا عَلَيْهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً حَتَّى أَبَانُوهَا، أَوْ ضَرَبُوهُ ضَرْبَةً اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا، وَلَوْ تَمَيَّزَ فِعْلُ الشُّرَكَاءِ، بِأَنْ قَطَعَ هَذَا مِنْ جَانِبٍ، وَهَذَا مِنْ جَانِبٍ حَتَّى الْتَقَتِ الْحَدِيدَتَانِ، أَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الْيَدِ، وَأَبَانَهَا الْآخَرُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَيَلْزَمُ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute