فَالْقِصَاصُ حَاصِلٌ بِالْإِبَانَةِ، وَأَمَّا قَطْعُ مَا أَلْصَقَ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ أُذُنِهِ وَلَمْ يُبِنْهُ، فَفِي الْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ خِلَافٌ سَبَقَ.
وَذَلِكَ إِذَا بَقِيَ غَيْرَ مُلْتَصِقٍ، فَأَمَّا إِذَا أَلْصَقَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، فَالْتَصَقَ، فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ عَنِ الْجَانِي، وَيَرْجِعُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إِلَى الْحُكُومَةِ، كَالْإِفْضَاءِ إِذَا انْدَمَلَ يُسْقِطُ الدِّيَةَ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ: لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَقَطَعَ الْأُذُنَ بَعْدَ الِالْتِصَاقِ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ.
وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِي الْقَدْرِ الْمَقْطُوعِ، كَمَا لَا يَسْقُطُ قِصَاصُ الْمُوضِحَةِ بِالِانْدِمَالِ، وَلَا يَجِبُ قَطْعُ الْمُلْصَقِ قَبْلَ تَمَامِ الْإِبَانَةِ، وَهَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ إِنْ عَلَّلْنَا بِظُهُورِ الدَّمِ.
وَلَوِ اسْتَأْصَلَ أُذُنَهُ، وَبَقِيَتْ مُعَلَّقَةً بِجِلْدَةٍ، وَجَبَ الْقِصَاصُ بِلَا خِلَافٍ، فَلَوْ أَلْصَقَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، لَمْ يَجِبْ قَطْعُهَا، وَفِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنِ الْجَانِي هَذَا الْخِلَافُ.
وَلَوْ أَبَانَ أُذُنَهُ، فَقَطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْضَ أُذُنِهِ مُقْتَصًّا، فَأَلْصَقَهُ الْجَانِي، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ، وَيَقْطَعَهُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْإِبَانَةَ.
فَرْعٌ.
رَبَطَ السِّنَّ الْمَقْلُوعَةَ فِي مَكَانِهَا، وَثُبُوتُهَا، كَإِلْصَاقِ الْأُذُنِ الْمَقْطُوعَةِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
فَصْلٌ
فِي السِّنِّ الْقِصَاصُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا قَلَعَهَا، فَلَوْ كَسَرَهَا، فَلَا قِصَاصَ، كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ إِذَا كَسَرَ بَعْضَ سِنِّهِ يُرَاجِعُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا: يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا صَدْعٍ فِي الْبَاقِي، اقْتُصَّ مِنْهُ.
وَبِهَذَا قَطَعَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَلَا تُؤْخَذُ السِّنُّ الصَّحِيحَةُ بِالْمَكْسُورَةِ، وَتُؤْخَذُ الْمَكْسُورَةُ بِالصَّحِيحَةِ مَعَ قِسْطِ الذَّاهِبِ مِنَ الْأَرْشِ، وَتُؤْخَذُ الزَّائِدَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute