الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَا تُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالْحَدَقَةِ الْعَمْيَاءِ، وَالصُّورَةُ الْقَائِمَةُ مِنَ الْحَدَقَةِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَتُؤْخَذُ الْقَائِمَةُ بِالصَّحِيحَةِ إِذَا رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَيُقْطَعُ جَفْنُ الْبَصِيرِ بِجَفْنِ الْأَعْمَى لِتَسَاوِي الْجِرْمَيْنِ، وَفَقْدُ الْبَصَرِ لَيْسَ فِي الْجَفْنِ.
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَا يُقْطَعُ لِسَانُ نَاطِقٍ بِأَخْرَسَ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ بِرِضَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَيُقْطَعُ لِسَانُ الْمُتَكَلِّمِ بِلِسَانِ الرَّضِيعِ إِنْ ظَهَرَ فِيهِ أَثَرُ النُّطْقِ بِالتَّحْرِيكِ عِنْدَ الْبُكَاءِ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ بَلَغَ أَوَانَ التَّكَلُّمِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، لَمْ يُقْطَعْ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ.
فَرْعٌ.
قَطَعَ أُذُنَ شَخْصٍ، فَأَلْصَقَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَالْتَصَقَتْ، لَمْ يَسْقُطِ الْقِصَاصُ وَلَا الدِّيَةُ عَنِ الْجَانِي، لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِبَانَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْمُلْصَقِ لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَسَبَبُهُ نَجَاسَةُ الْأُذُنِ إِنْ قُلْنَا: مَا يُبَانُ مِنَ الْآدَمِيِّ نَجِسٌ، وَإِلَّا فَسَبَبُهُ الدَّمُ الَّذِي ظَهَرَ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا تَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ وَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي الْوَصْلِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ.
وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَنْبُتَ اللَّحْمُ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، أَوْ لَا يَنْبُتُ، وَبَيْنَ أَنْ يُخَافَ التَّلَفَ مِنَ الْقَطْعِ أَوْ لَا يُخَافَ، وَلَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ إِزَالَتَهَا لِخَوْفِ التَّلَفِ مَثَلًا.
فَلَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاطِعِ إِلَى النَّفْسِ، حَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ، قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ خِلَافُهُ، ثُمَّ هِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ فَلَيْسَ لِلْجَانِي أَنْ يَقُولَ: أَزِيلُوهَا ثُمَّ اقْطَعُوا أُذُنِيَ، لِأَنَّ إِزَالَتَهَا مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهِ، وَالنَّظَرُ فِي مِثْلِهِ إِلَى الْإِمَامِ، وَلَوِ اقْتَصَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَأَلْصَقَ الْجَانِي أُذُنَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute