هِبَةُ الْكُلِّ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي، أَمْ بِنِصْفِ الْبَاقِي، أَمْ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الثَّالِثُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي (الْمُخْتَصَرِ) ، فَحَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ. وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نِصْفِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ قُلْنَا: لَوْ أَبْرَأَتْ عَنِ الْجَمِيعِ يَرْجِعُ، فَهُنَا يَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ الْبَاقِي. وَ [أَيْضًا] إِنْ قُلْنَا: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، فَهُنَا وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُحْسَبُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: يَسْقُطُ عَنْهُ النِّصْفُ الْبَاقِي. وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ نِصْفِ الثَّمَنِ، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ، فَحُكْمُهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ. وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ عُشْرِ الثَّمَنِ، وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَحَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَأَرْشُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ الْعُشْرُ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالِبُ بِالْأَرْشِ.
فَصْلٌ
خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ، فَلَهُ الْمُسَمَّى وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ. وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى جَمِيعِ الصَّدَاقِ، فَقَدْ خَالَعَ عَلَى مَالِهِ وَمَالِهَا، لِعَوْدِ النِّصْفِ إِلَيْهِ بِالْخُلْعِ، فَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَتَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ فِي نَصِيبِهِ، وَفِي نَصِيبِهَا قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ. إِنْ لَمْ نُصَحِّحْ، بَقِيَ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. وَفِيمَا لَهُ عَلَيْهَا قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: مَهْرُ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي: مِثْلُ الصَّدَاقِ أَوْ قِيمَتُهُ. وَإِنْ صَحَّحْنَا التَّسْمِيَةَ فِي نَصِيبِهَا، قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ إِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّفْرِيقِ. فَإِنْ فَسَخَ، عَادَ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ الرُّجُوعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَمْ بَدَلِ الْمُسَمَّى. وَإِنْ جَازَ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute