للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِعِلَّةِ الْفِسْقِ، ثُمَّ طَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يَشْهَدَ لَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ، لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَوْ دُعِيَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الْقَاضِي، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إِلَى الْحَقِّ.

قُلْتُ: قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ أَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

إِذَا امْتَنَعَ الشَّاهِدُ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ وُجُوبِهِ حَيَاءً مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَعْصِي، وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي قَبُولُ شَهَادَتِهِ فِي شَيْءٍ أَصْلًا حَتَّى يَتُوبَ، وَيُوَافِقُ هَذَا مَا قِيلَ: إِنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ أَدَائِهَا، فَأَحْضِرْهُ لِيَشْهِدَ، لَمْ يُجِبْهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ بِالِامْتِنَاعِ بِزَعْمِهِ، فَلَا يُنْتَفَعُ بِشَهَادَتِهِ.

قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إِذَا قَالَ: هُوَ مُمْتَنِعٌ بِلَا عُذْرٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ، فَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، لِتَوَقُّفِ الِانْعِقَادِ عَلَيْهِ، فَإِنِ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ مِنْهُ، أَثِمُوا. وَلَوْ طَلَبَ مِنَ اثْنَيْنِ التَّحَمُّلَ، وَهُنَاكَ غَيْرُهُمَا، لَمْ يَتَعَيَّنَا بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَقَارِيرِ، فَهَلِ التَّحَمُّلُ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَضِي كَلَامُهُ طَرْدَ الْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ أَيْضًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِذَا قُلْنَا بِالِافْتِرَاضِ، فَذَلِكَ إِذَا حَضَرَ الْمُحَمَّلُ، أَمَّا إِذَا دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ فَقِيلَ: تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ، وَالْبَغَوِيُّ، وَأَبُو الْفَرَجِ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَمَّلُ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ كَانَتِ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>