يَشْهَدَ، وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ، كَشُرْبِ النَّبِيذِ، لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى التَّفْسِيقَ بِهِ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ. وَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ (فِي) الْفِسْقِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ إِذَا كَانَ ظَاهِرًا، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ مُطْلَقًا فِي الْفِسْقِ الْخَفِيِّ، وَفِي الظَّاهِرِ وَجْهَانِ، وَالْمَذْهَبُ مَا سَبَقَ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ الشَّاهِدُ، كَالْبَيْعِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شُفْعَةُ الْجِوَارِ، وَالشَّاهِدُ لَا يَعْتَقِدُهَا. وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَدْلًا وَالْآخِرُ فَاسِقًا فِسْقًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمِ الْعَدْلَ الْأَدَاءُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.
الْقَيْدُ الْخَامِسُ: عَدَمُ الْعُذْرِ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، فَالْمَرِيضُ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لَا يُكَلَّفُ أَنْ يَحْضُرَ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي إِلَيْهِ، بِأَنْ يَسْمَعَ شَهَادَتَهُ، وَالْمَرْأَةُ الْمُخَدَّرَةُ كَالْمَرِيضِ، وَفِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَغَيْرُ الْمُخَدِّرَةِ يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ وَالْأَدَاءُ، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِيهِ، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ الْحُضُورُ عِنْدَ الْقَاضِي الْجَائِرِ وَالْمُتَعَنِّتِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَرُدَّ شَهَادَتَهُ جَوْرًا وَتَعَنُّتًا فَيُعَيَّرُ بِذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا عَدَالَةُ الْقَاضِي وَجَمْعُهُ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْطٌ سَادِسٌ.
قُلْتُ: الرَّاجِحُ الْوُجُوبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُ الْوُجُوبِ لَمْ يُرْهِقِ الْقَاضِي إِرْهَاقًا، بَلْ إِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ، أَوْ عَلَى طَعَامٍ، فَلَهُ التَّأْخِيرُ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ، وَلَا يُمْهِلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَوْ شَهِدَ وَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute