للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

لَا بُدَّ لِلصَّائِمِ مِنَ الْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ.

مِنْهَا: الْجِمَاعُ، وَهُوَ مُفْطِرٌ بِالْإِجْمَاعِ.

وَمِنْهَا: الِاسْتِمْنَاءُ، وَهُوَ مُفْطِرٌ.

وَمِنْهَا: الِاسْتِقَاءَةُ، فَمَنْ تَقَيَّأَ عَمْدًا، أَفْطَرَ. وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ، لَمْ يُفْطِرْ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ الْفِطْرِ إِذَا تَقَيَّأَ عَمْدًا، فَالْأَصَحُّ: أَنَّ نَفْسَ الِاسْتِقَاءَةِ مُفْطِرَةٌ كَالْإِنْزَالِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُفْطِرَ رُجُوعُ شَيْءٍ مِمَّا خَرَجَ وَإِنْ قَلَّ.

فَلَوْ تَقَيَّأَ مَنْكُوسًا، أَوْ تَحَفَّظَ، فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إِلَى جَوْفِهِ، فَفِي فِطْرِهِ الْوَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: فَلَوِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا، أَوْ تَحَفَّظَ جُهْدَهُ، فَغَلَبَهُ الْقَيْءُ وَرَجَعَ شَيْءٌ، فَإِنْ قُلْنَا: الِاسْتِقَاءَةُ مُفْطِرَةٌ بِنَفْسِهَا، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمُبَالَغَةِ فِي الْمَضْمَضَةِ إِذَا سَبَقَ الْمَاءُ إِلَى جَوْفِهِ.

فَرْعٌ

مِنَ الْمُفْطِرَاتِ دُخُولُ شَيْءٍ فِي جَوْفِهِ - وَقَدْ ضَبَطُوا الدَّاخِلَ الْمُفْطِرَ بِالْعَيْنِ الْوَاصِلَةِ - الظَّاهِرُ إِلَى الْبَاطِنِ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ عَنْ قَصْدٍ مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ.

وَفِيهِ قُيُودٌ: مِنْهَا الْبَاطِنُ الْوَاصِلُ إِلَيْهِ. وَفِيمَا يُعْتَبَرُ بِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَوْفِ، وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْوَاصِلَ إِلَيْهِ مِنْ غِذَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ.

وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَلْقَ كَالْجَوْفِ فِي بُطْلَانِ الصَّوْمِ بِوُصُولِ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: إِذَا جَاوَزَ الشَّيْءُ الْحُلْقُومَ، أَفْطَرَ. وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بَاطِنُ الدِّمَاغِ وَالْبَطْنُ وَالْأَمْعَاءُ وَالْمَثَانَةُ، مِمَّا يُفْطِرُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى بَطْنِهِ جَائِفَةٌ، أَوْ بِرَأْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>