وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيِّ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ الْهَرَوِيُّ. قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا لَوْ أَوْلَدَ مُكَاتَبَتَهُ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ ; لِأَنَّهُ لَا نَقْلَ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ، بَلْ يَجْتَمِعُ الِاسْتِيلَادُ وَالْكِتَابَةُ، وَلَا مُنَافَاةَ.
فَرْعٌ
كَانَتْ جَارِيَةُ الِابْنِ مَنْكُوحَةَ رَجُلٍ، فَأَوْلَدَهَا الْأَبُ، فَفِي ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ، وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ وَإِنْ أَثْبَتْنَا الِاسْتِيلَادَ، كَمَا لَوِ اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ.
فَصْلٌ
لَوْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ الْأَبِ، فَهُوَ كَوَطْءِ الْأَجْنَبِيِّ. فَإِنْ كَانَ بِشُبْهَةٍ، نُظِرَ، إِنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْأَبِ. وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الرَّقِيقَةَ انْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا ثُمَّ عَتَقَ عَلَى الْجَدِّ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الِابْنِ قِيمَتُهُ. وَإِنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، فَهُوَ زِنَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ ; لِأَنَّ الِابْنَ لَا يَسْتَحِقُّ الْإِعْفَافَ عَلَى الْأَبِ، فَلَا شُبْهَةَ لَهُ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَيَلْزَمُ الِابْنَ الْمَهْرُ إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، وَإِلَّا، فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ، فَهُوَ رَقِيقٌ لِلْأَبِ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، إِذْ لَا نَسَبَ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي نِكَاحِهِ جَارِيَةَ الِابْنِ، لِلشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي جَوَازِهِ نَصَّانِ. قِيلَ: هُمَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِعْفَافِ، إِنْ لَمْ نُوجِبْهُ، جَازَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعًا. قَالُوا: وَنَقْلُ الْجَوَازِ غَلَطٌ، إِنَّمَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute