[الْحَالَةُ] الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ مَوْطُوءَةَ الِابْنِ، وَوَطِئَهَا الْأَبُ عَالِمًا بِالْحَالِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْأَظْهَرِ. وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِرِضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ. الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: لَا حَدَّ. قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي «التَّجْرِبَةِ» : الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الِابْنُ اسْتَوْلَدَهَا، فَإِنْ كَانَ، وَجَبَ الْحَدُّ قَطْعًا، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ ; لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِحَالٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةً غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْحَدَّ عَلَى الْأَبِ، لَمْ تَحْرُمِ الْجَارِيَةُ عَلَى الِابْنِ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً. وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً، لَمْ تَجِبْ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ أَوْلَدَهَا، لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَيَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا غَيْرَ نَسِيبٍ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إِذَا وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِرِضَاعٍ وَغَيْرِهِ وَأَوْلَدَهَا، لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إِنْ أَوْجَبْنَا الْحَدَّ. وَقِيلَ: يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالِاسْتِيلَادُ هُنَا وَفِي جَارِيَةِ الِابْنِ وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْحَدَّ فِيهِمَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ أَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ، ثَبَتَ النَّسَبُ وَالِاسْتِيلَادُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ ; لِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ مِلْكَهُ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الْحَدَّ صِيَانَةً لِمِلْكِ الشَّرِيكِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ جَاهِلًا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمَا أَبَدًا. فَإِنْ أَوْلَدَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةَ الِابْنِ، لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ ; لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ، وَإِلَّا فَفِي مَصِيرِهَا مُسْتَوْلَدَةٌ لِلْأَبِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى.
فَرْعٌ
لَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَةَ ابْنِهِ وَأَوْلَدَهَا فَفِي مَصِيرِهَا مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا ; لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ. وَالثَّانِي: نَعَمْ ; لِأَنَّهَا تَقْبَلُ الْفَسْخَ، بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute