مُوجَبُ الْقَتْلِ الْقِصَاصُ، فَعَفَا عَلَى مَالٍ، ثَبَتَ الْمَالُ، وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا، ثَبَتَتِ الدِّيَةُ إِنْ قُلْنَا: الْمُطْلَقُ يُوجِبُ الدِّيَةَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُوجِبُهَا، لَمْ تَثْبُتْ، وَإِنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَلَى أَنْ لَا مَالَ، فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ مُطْلَقُ عَفْوِهِ الْمَالَ، فَالْمُعْتَدُّ بِالنَّفْيِ أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا يُوجِبُهُ، لِئَلَّا يُكَلِّفَ الْمُفْلِسَ الِاكْتِسَابَ، وَعَفْوُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَعَفْوُ الْوَرَثَةِ عَنِ الْقِصَاصِ مَعَ نَفْيِ الْمَالِ إِذَا كَانَ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ، كَعَفْوِ الْمُفْلِسِ، وَأَمَّا الْحُجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ، فَيَصِحُّ مِنْهُ إِسْقَاطُ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاؤُهُ.
وَفِيمَا يَرْجِعُ إِلَى الدِّيَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُفْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنِ الْمَالِ بِحَالٍ، كَالصَّبِيِّ، وَعَفْوُ الْمُكَاتَبِ عَنِ الدِّيَةِ تَبَرُّعٌ، فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إِذَنِ سَيِّدِهِ، وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ.
فَصْلٌ
لَوْ صَالَحَ مِنَ الْقِصَاصِ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ مِنْ جِنْسِهَا، بِأَنْ صَالَحَ عَلَى مِائَتَيْنِ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ، كَالصُّلْحِ مِنْ أَلْفٍ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقَوَدُ بِعَيْنِهِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَثَبَتَ الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ.
إِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ بِعَفْوِ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَلِلْبَاقِينَ الدِّيَةُ بِالْحِصَّةِ، وَأَمَّا الْعَافِي، فَإِنْ عَفَا عَلَى حِصَّتِهِ مِنَ الدِّيَةِ، ثَبَتَتْ، وَإِنْ نَفَى الْمَالَ، لَمْ تَثْبُتْ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قُلْنَا: مُوجِبُ الْقَتْلِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ: ثَبَتَتْ، وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ مُطْلَقَ الْعَفْوِ، هَلْ يُوجِبُ الدِّيَةَ؟ .
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْعَفْوِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَأَلْفَاظِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: اقْطَعْ يَدِيَ، وَالْقَاتِلُ مَالِكٌ لِأَمْرِهِ، فَقَطَعَ الْمَأْذُونُ لَهُ يَدَهُ، فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي إِتْلَافِ مَالِهِ، فَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِهِ، فَلَوْ سَرَى الْقَطْعُ، أَوْ قَالَ: اقْتُلْنِي، فَقَتَلَهُ، فَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute