أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ، وَيَكُونُ لِمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الِاسْتِشْهَادِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَنِ الْأَوَّلِ، وَهُنَا بِخِلَافِهِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَيَطَأَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، بِأَنْ يَنْكِحَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا بِهَا.
وَمِنْهَا: أَنْ يَطَأَهَا اثْنَانِ فِي نِكَاحَيْنِ فَاسِدَيْنِ، وَأَنْ يَطَأَ الشَّرِيكَانِ الْمُشْتَرَكَةَ، وَأَنْ يَطَأَ أَمَتَهُ وَيَبِيعَهَا، فَيَطَأَهَا الْمُشْتَرِي، وَلَا يَسْتَبْرِئُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. فَإِذَا وَطِئَ اثْنَانِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الصُّوَرِ فِي طُهْرٍ، فَوَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْوَطْأَيْنِ، وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْوَطْأَيْنِ حَيْضَةٌ، فَهِيَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي حُصُولِ الْبَرَاءَةِ عَنِ الْأَوَّلِ، فَيَنْقَطِعُ تَعَلُّقُهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ إِمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ فِرَاشِ النِّكَاحِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ. وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَفِي انْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِ بِتَخَلُّلِ الْحَيْضَةِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الِانْقِطَاعُ ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إِلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَنَازِعَانِ وَالْوَاطِئَانِ مُسْلِمَيْنِ وَحُرَّيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيِ الْحَالِ.
فَصْلٌ
لَوِ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي يَدِهِ، أَوْ لَا فِي يَدِهِ، فَبَلَغَ وَانْتَفَى مِنْهُ، هَلْ يَنْدَفِعُ نَسَبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي الْإِقْرَارِ وَاللَّقِيطِ. فَإِنِ اسْتَلْحَقَ بَالِغًا فَأَنْكَرَ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ، وَإِلْحَاقُ الْقَائِفِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. فَلَوْ سَكَتَ الْبَالِغُ، فَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يُلْحِقُهُ الْقَائِفُ، وَهَذَا لَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِلَّا وَاحِدٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوِ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِبَاهِ، فَسَكَتَ، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ. فَلَوْ وَافَقَ أَحَدُهُمَا، لَحِقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute