فَصْلٌ
إِذَا أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِلْمَرْأَةِ بِسَبَبِ زِيَادَةِ الصَّدَاقِ، أَوْ لَهُ بِنَقْصِهِ، أَوْ لَهُمَا بِهِمَا، لَمْ يَمْلِكِ الزَّوْجُ النِّصْفَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الرُّجُوعَ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَقَبْلَ أَنْ يَتَوَافَقَا إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَإِنْ قُلْنَا: الطَّلَاقُ يَشْطُرُ الصَّدَاقَ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ، بَلْ هُوَ كَخِيَارِ الرُّجُوعِ عَلَى الْهِبَةِ، لَكِنْ إِذَا تَوَجَّهَتْ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ، لَا تُمَكَّنُ هِيَ مِنَ التَّأْخِيرِ، بَلْ تُكَلَّفُ اخْتِيَارَ أَحَدِهِمَا. وَإِذَا طَلَبَ الزَّوْجُ، فَلَا يُعَيِّنُ فِي طَلَبِهِ الْعَيْنَ وَلَا الْقِيمَةَ ; لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُنَاقِضُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إِلَيْهَا، لَكِنْ يُطَالِبُهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا، فَإِنِ امْتَنَعَتْ، قَالَ الْإِمَامُ: لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِحَبْسِهَا لِبَذْلِ الْعَيْنِ أَوِ الْقِيمَةِ، بَلْ يَحْبِسُ الْعَيْنَ عَنْهَا إِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً، وَيَمْنَعُهَا مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا ; لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الزَّوْجِ بِالصَّدَاقِ فَوْقَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ.
فَإِنْ أَصَرَّتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ دُونَ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ، بَاعَ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ مِنَ الْقِيمَةِ. فَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ، بَاعَ الْكُلَّ وَصَرَفَ الْفَاضِلَ عَنِ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ إِلَيْهَا. وَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْعَيْنِ مِثْلَ نِصْفِ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ، وَلَمْ تُؤَثِّرِ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ، فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ: تُسَلِّمُ نِصْفَ الْعَيْنِ إِلَيْهِ، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ، فَإِذَا سُلِّمَ إِلَيْهِ، أَفَادَ قَضَاؤُهُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لَهُ. وَالثَّانِي: لَا تُسَلِّمُ إِلَيْهِ الْعَيْنَ، بَلْ يَبِيعُهُ، فَلَعَلَّهُ يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِزِيَادَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute