فَصْلٌ
وَالْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ، أَمْ لَا.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُوصَى بِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ.
أَحَدُهَا: كَوْنُهُ مَقْصُودًا، فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَا يُقْصَدُ. وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ. فَالْمَنْفَعَةُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْمَعْدُومَةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَقْبَلَ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ. فَمَا لَا يَقْبَلُهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ كَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُمَا وَإِنِ انْتَقَلَا بِالْإِرْثِ، لَا يَتَمَكَنُّ مُسْتَحِقُّهُمَا مِنْ نَقْلِهِمَا. وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْحُقُوقِ التَّابِعَةِ لِلْأَمْوَالِ، كَالْخِيَارِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إِذَا لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّأْخِيرِ لِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ.
قُلْتُ: فَلَوْ أَوْصَى بِالشِّقْصِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِهِ، كَانَ الشِّقْصُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَالشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «الْفَتَاوَى» . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِالْمُوصِي إِذَا قُلْنَا: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِ الْغَيْرِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ الْمَوْجُودِ، إِنْ أَطْلَقَهَا فَقَالَ: أَوْصَيْتُ بِحَمْلِ فُلَانَةَ، أَوْ قَيَّدَهَا، فَقَالَ: بِحَمْلِهَا الْمَوْجُودِ الْآنَ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ بِشَرْطِ انْفِصَالِهِ حَيًّا، وَلِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ. فَلَوِ انْفَصَلَ مَيِّتًا مَضْمُونًا بِجِنَايَةٍ لَمْ تَبْطُلْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute