للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهَا: أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِقْلَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَيَقُولُ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكُمَا، أَوْ إِلَى كُلٍّ مِنْكُمَا، أَوْ يَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا وَصِيِّي فِي كَذَا، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازِ: أَوْ يَقُولُ: أَنْتُمَا وَصِيَّايَ فِي كَذَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ.

وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ، أَوْ لَمْ يَقْبَلِ الْوِصَايَةَ، كَانَ لِلْآخَرِ الِانْفِرَادُ. وَإِنْ ضَعُفَ نَظَرُ أَحَدِهِمَا، فَلِلْآخَرِ الِانْفِرَادُ، وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَضُمَّ إِلَى ضَعِيفِ النَّظَرِ مَنْ يُعِينُهُ.

الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ. فَإِنِ انْفَرَدَ، لَمْ يُنَفَّذِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِعْتَاقُ، وَيَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ. فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ جُنَّ، أَوْ فَسَقَ، أَوْ غَابَ، أَوْ لَمْ يَقْبَلِ الْوَصِيَّةَ، نَصَبَ الْحَاكِمُ بَدَلًا عَنْهُ لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْآخَرِ. وَهَلْ لَهُ إِثْبَاتُ الِاسْتِبْدَادِ لِلْآخَرِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَهُ. وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا، فَهَلْ لِلْحَاكِمِ نَصْبُ وَاحِدٍ؟ أَمْ لَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنِ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّصَرُّفِ تَلَفُّظُهُمَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ مَعًا؛ بَلِ الْمُرَادُ صُدُورُهُ عَنْ رَأْيِهِمَا، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا بِإِذْنِهِمَا.

الثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَ قَوْلَهُ: أَوْصَيْتُ إِلَيْكُمَا، فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ بِالِاجْتِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ.

فَصْلٌ

قَالَ: أَوْصَيْتُ إِلَى زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ:

[أَوْصَيْتُ] إِلَى عَمْرٍو، لَمْ يَكُنْ عَزْلًا لِزَيْدٍ، ثُمَّ إِنْ قَبِلَا، فَهُمَا شَرِيكَانِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يَنْفَرِدُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، انْفَرَدَ بِالتَّصَرُّفِ.

وَلَوْ قَالَ لِعَمْرٍو: مَا أَوْصَيْتُ بِهِ إِلَى زَيْدٍ قَدْ أَوْصَيْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَهُوَ رُجُوعٌ. وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ: ضَمَمْتُ إِلَيْكَ عَمْرًا، أَوْ قَالَ لِعَمْرٍو: ضَمَمْتُكَ إِلَى زَيْدٍ، فَإِنْ قَبِلَ عَمْرٌو دُونَ زَيْدٍ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالتَّصَرُّفِ، بَلْ يَضُمُّ الْقَاضِي إِلَيْهِ أَمِينًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>