للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَشَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَنَّهَا حَدَّثَتْ مَنْ شَجَرَتِهِ، أَوْ بَذْرَتِهِ، وَلَا يَقْتَضِي جَرَيَانُ الْقَطْعِ فِيمَا لَوْ تَعَرَّضَتْ إِحْدَاهُمَا لِلشِّرَاءِ وَسَائِرِ الْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ ابْتِدَاءَ مِلْكِهِ، ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَقَامَتْ بَيِّنَتَانِ مُخْتَلِفَتَا التَّارِيخِ، فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أَسْبَقَ تَارِيخًا، قُدِّمَتْ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَسْبَقَ، فَإِنْ لَمْ نَجْعَلْ سَبْقَ التَّارِيخِ مُرَجِّحًا، قُدِّمَ الدَّاخِلُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُرَجِّحًا، فَهَلْ يُقَدَّمُ الدَّاخِلُ أَمِ الْخَارِجُ، أَمْ يَتَسَاوَيَانِ؟ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ.

فَصْلٌ

ادَّعَى دَارًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ نَحْوَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، أَوْ بِالْأَمْسِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ، نَقَلَ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَلَا يُحْكَمُ بِهَا، وَنَقَلَ الْبُوَيْطِيُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ، وَيُحْكَمُ بِهَا، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُمَا قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوِ ادَّعَى الْيَدَ، وَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْسِ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَيَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، أَوْ يَقُولَ: كَانَ مِلْكَهُ وَلَمْ يَزَلْ، أَوْ لَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ مَا عَرَفَهُ مِنْ قَبْلُ، كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنِ احْتَمَلَ زَوَالَهُ، فَلَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاسْتِصْحَابَ، فَوَجْهَانِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يُقْبَلُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرِّضَاعِ عَلَى امْتِصَاصِ الثَّدْيِ، وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، تُقْبَلُ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ سِوَاهُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَزَالَ مُلْكَهُ، أَمْ لَا، لَمْ يُقْبَلْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُرْتَابٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَمْسِ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ، قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ، وَاسْتُدِيمَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>