فَصْلٌ
إِذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، بَانَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَبَطَلَتِ الشُّفْعَةُ، وَعَلَى الشَّفِيعِ رَدُّ الشِّقْصِ إِنْ كَانَ قَبَضَهُ. وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا، بَطَلَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا [تَفْرِيقِ] الصَّفْقَةِ. فَإِنْ فَرَّقْنَاهَا وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِجَازَةَ، فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ. وَإِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَصْدَقَهَا شِقْصًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مُسْتَحَقًّا، لَزِمَهُ إِبْدَالُهُ، وَالْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ بِحَالِهِمَا، وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ لِيَحْبِسَهُ إِلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَإِنْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي ثَمَنِ الشَّفِيعِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ وَعَلَيْهِ الْإِبْدَالُ. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا، لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ الْبَغَوِيُّ بِالْبُطْلَانِ. ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَآخَرُونَ: الْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، بِأَنْ قَالَ: تَمَلَّكْتُ الشِّقْصَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ. أَمَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، كَقَوْلِهِ: تَمَلَّكْتُهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، ثُمَّ نَقَدَ الْمُسْتَحَقَّةَ، فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ: الْوَجْهَانِ فِي الْحَالَيْنِ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ: الْفَرْقُ بَيِّنٌ فِي الْحَالَتَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ وَالْعِلْمِ، إِذَا قُلْنَا: لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ، هَلْ نَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِأَدَاءِ الْمُسْتَحَقِّ، وَيَفْتَقِرُ إِلَى تَمَلُّكٍ جَدِيدٍ؟ أَمْ نَقُولُ: قَدْ مَلَكَهُ وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ، لَا سِيَّمَا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ. وَخُرُوجُ الدَّنَانِيرِ نُحَاسًا كَخُرُوجِهَا مُسْتَحَقَّةً. وَلَوْ خَرَجَ ثَمَنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute