بَعْدَهَا، وَإِذَا تَرَاضَيَا بِقَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا، فَهَلْ يُشْتَرَطُ الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ أَمْ يَكْفِي الرِّضَى الْأَوَّلُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الِاشْتِرَاطُ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْمُعْتَبِرُونَ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ، وَفِي قِسْمَةِ الرَّدِّ يُشْتَرَطُ الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَعَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
وَإِذَا اشْتَرَطْنَا «الرِّضَى» بَعْدَ خُرُوجِهَا، فَصِيغَتُهُ أَنْ يَقُولَا: رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ، أَوْ بِمَا أَخْرَجَتِ الْقُرْعَةُ، أَوْ بِمَا جَرَى، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الْبَيْعِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا بَيْعٌ، اشْتُرِطَ لَفْظُ الْبَيْعِ أَوِ التَّمْلِيكِ، وَقِيلَ: لَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا رَضِينَا بِهَذَا أَوْ بِمَا جَرَى، بَلْ يُشْتَرَطُ تَلَفُّظُهُمَا بِالْقِسْمَةِ بِأَنْ يَقُولَا: تَقَاسَمْنَا أَوْ رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ لِيُؤَدِّيَ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَحَيْثُ وَجَبَ الرِّضَى، فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ.
فَصْلٌ
تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ كَمَا تُقْسَمُ الْأَعْيَانُ، وَطَرِيقُ قِسْمَتِهَا الْمُهَايَأَةُ مُيَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً، فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، فَلَا إِجْبَارَ عَلَى الْمُهَايَأَةِ بِحَالٍ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزْرَعَ هَذَا بَعْضَ الْأَرْضِ وَذَاكَ بَعْضَهَا، أَوْ يَسْكُنَ هَذَا بَعْضَ الدَّارِ وَذَاكَ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْسِمَ الْأَرْضَ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَلَا إِجْبَارَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، كَالْقَنَاةِ وَالْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْحَمَّامِ، فَإِنِ اتَّفَقَا فِيهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ، فَذَاكَ، ثُمَّ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَلَى مَنْ يَبْدَأُ، وَقِيلَ: يَتَنَازَعَانِ، فَيُقْرَعُ، وَإِنْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ، كَمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute