عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ كَزَكَاةِ الْمُمْتَنِعِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا. وَإِذَا قُلْنَا: يَمُوتُ عَاصِيًا، فَمِنْ أَيِّ وَقْتٍ يَعْصِي؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: مِنَ السَّنَةِ الْآخِرَةِ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إِلَيْهَا. وَالثَّانِي: مِنَ السَّنَةِ الْأُولَى، لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فِيهَا.
وَالثَّالِثُ: يَمُوتُ عَاصِيًا، وَلَا يُسْنَدُ الْعِصْيَانُ إِلَى سَنَةٍ بِعَيْنِهَا. وَمِنْ فَوَائِدِ مَوْتِهِ عَاصِيًا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ شَهَادَةً وَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا حَتَّى مَاتَ لَمْ يُحْكَمْ لِبَيَانِ فِسْقِهِ. وَلَوْ قُضِيَ بِشَهَادَتِهِ بَيْنَ السَّنَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ، فَإِنْ عَصَيْنَاهُ مِنَ الْأَخِيرَةِ، لَمْ يُنْقَضْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِحَالٍ. وَإِنْ عَصَيْنَاهُ مِنَ الْأَوَّلِ، فَفِي نَقْضِهِ الْقَوْلَانِ، فِيمَا إِذَا بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ.
فَصْلٌ
حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فِي حَقِّ مَنْ يَتَأَهَّلُ لَهَا تُقَدَّمُ عَلَى حَجَّةِ الْقَضَاءِ.
وَصُورَةُ اجْتِمَاعِهِمَا أَنْ يُفْسِدَ الْعَبْدُ حَجَّهُ، ثُمَّ يُعْتَقَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَتَقَدَّمَ أَيْضًا حَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَلَى النَّذْرِ. فَلَوِ اجْتَمَعَتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَالْقَضَاءُ، وَالنَّذْرُ، قُدِّمَتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ الْقَضَاءُ، ثُمَّ النَّذْرُ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إِلَى تَرَدُّدٍ فِي تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى النَّذْرِ.
وَالْمَذْهَبُ: مَا قَدَّمْنَاهُ. وَمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَضَاءٌ، أَوْ نَذْرٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ. فَلَوْ قُدِّمَ مَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ لَغَتْ نِيَّتُهُ، وَوَقَعَ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ.
وَالْعُمْرَةُ، إِذَا أَوْجَبْنَاهَا، كَالْحَجِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ مَنْ يَحُجُّ عَنْ نَذْرِهِ، وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، فَنَوَى الْأَجِيرُ النَّذْرَ، وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ، فَنَوَى الْحَجَّ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، لَغَتْ نِيَّتُهُ، وَوَقَعَ الْحَجُّ عَنِ الْأَجِيرِ. وَلَوْ نَذَرَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَفَعَلَ، وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ، وَلَيْسَ فِي نَذْرِهِ إِلَّا تَعْجِيلُ مَا كَانَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute