وَيُقَالُ: الْأَصَحُّ، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنَ الْأَجْوَافِ الْبَاطِنَةِ؛ وَلِهَذَا لَا يُنْظَرُ بِالْوَاصِلِ إِلَيْهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْظُمُ فِيهِمَا الْخَطَرُ بِخِلَافِ مَا يَصِلُ إِلَى جَوْفِ الرَّأْسِ وَالْبَطْنِ.
فَعَلَى هَذَا يَجِبُ فِي صُورَةِ الْهَشْمِ أَرْشُ هَاشِمَةٍ أَوْ مُنَقِّلَةٍ، وَتَجِبُ مَعَهُ حُكُومَةٌ لِلنُّفُوذِ إِلَى الْفَمِ وَالْأَنْفِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أُخْرَى، وَلَوْ نَفَذَتِ الْجِرَاحَةُ مِنَ الْجَفْنِ إِلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ، فَهَلْ هِيَ جَائِفَةٌ أَمْ لَا تَجِبُ إِلَّا حُكُومَةٌ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
وَلَوْ وَضَعَ السِّكِّينَ عَلَى الْكَتِفِ أَوِ الْفَخِذِ وَجَرَّهَا حَتَّى بَلَغَ الْبَطْنَ، فَأَجَافَ، لَزِمَهُ أَرْشُ الْجَائِفَةِ وَحُكُومَةٌ لِجِرَاحَةِ الْكَتِفِ وَالْفَخِذِ، لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْجَائِفَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهِ، وَجَرَّهَا حَتَّى أَجَافَ فِي الْبَطْنِ أَوْ فِي ثُغْرَةِ النَّحْرِ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَرْشُ الْجَائِفَةِ بِلَا حُكُومَةٍ، لِأَنَّ جَمِيعَهُ مَحَلُّ الْجَائِفَةِ.
فَرْعٌ
لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِيفَ بِحَدِيدَةٍ أَوْ خَشَبَةٍ مُحَدَّدَةٍ، وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجَائِفَةُ وَاسِعَةً أَوْ ضَيِّقَةً، حَتَّى لَوْ غُرِزَ فِيهِ إِبْرَةٌ فَوَصَلَتْ إِلَى الْجَوْفِ فَهِيَ جَائِفَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّمَا تَكُونُ جَائِفَةً إِذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
فَصْلٌ
لَا فَرْقَ فِي الْمُوضِحَةِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ، وَالْبَارِزَةِ وَالْمَسْتُورَةِ بِالشَّعَرِ، وَالَّتِي يَتَوَلَّدُ مِنْهَا شَيْنٌ فَاحِشٌ وَالَّتِي لَا يَتَوَلَّدُ، فَلَا يَجُبْ فِي الْجَمِيعِ إِلَّا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ؛ فَإِنْ تَعَدَّدَتِ الْمُوضِحَةُ، تَعَدَّدَ الْأَرْشُ، وَتَعَدُّدُهَا يَكُونُ بِأَسْبَابٍ:
الْأَوَّلُ: اخْتِلَافُ الصُّورَةِ، بِأَنْ أَوْضَحَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ رَأْسِهِ، وَبَقِيَ اللَّحْمُ وَالْجِلْدُ بَيْنَهُمَا؛ فَيَجِبُ أَرْشَانِ، سَوَاءٌ رَفَعَ الْحَدِيدَةَ عَنْ مُوضِحَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute