ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَوْضَحَهُ، أَوْ جَرَّهَا عَلَى الرَّأْسِ مِنْ مَوْضِعِ الْإِيضَاحِ إِلَى أَنْ تَحَامَلَ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَأَوْضَحَهُ، وَبَقِيَ اللَّحْمُ وَالْجِلْدُ بَيْنَهُمَا سَلِيمَيْنِ.
وَحَكَى الْإِمَامُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهًا ضَعِيفًا أَنَّ الْحَاصِلَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ، وَلَوْ كَثُرَتِ الْمُوضِحَاتُ، تَعَدَّدَ الْأَرْشُ بِحَسَبِهَا وَلَا ضَبْطَ. وَقِيلَ: إِذَا كَثُرَتْ وَصَارَتْ بِحَيْثُ لَوْ أَوْجَبْنَا لِكُلِّ مُوضِحَةٍ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ، لَزَادَ الْمَبْلَغُ عَلَى دِيَةِ نَفْسٍ، لَمْ يُوجِبْ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ نَفْسٍ؛ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ الْحَاجِزُ بَيْنَ مَوْضِعَيِ الْإِيضَاحِ بِكَمَالِهِ، بَلْ بَقِيَ جِلْدٌ دُونَ اللَّحْمِ أَوْ عَكْسُهُ، فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:
أَصَحُّهَا: أَنَّ الْحَاصِلَ مُوضِحَةٌ، وَالثَّانِي: مُوضِحَتَانِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ بَقِيَ الْجِلْدُ، فَمُوضِحَةٌ، وَإِنْ بَقِيَ اللَّحْمُ، فَمُوضِحَتَانِ، وَالرَّابِعُ: عَكْسُهُ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ أَوْضَحَ فِي مَوْضِعَيْنِ ثُمَّ أَوْغَلَ الْحَدِيدَةَ، وَنَفَّذَهَا مِنْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فِي الدَّاخِلِ ثُمَّ سَلَّهَا، فَهَلْ يَتَّحِدَانِ؟ وَجْهَانِ.
وَلَوْ عَادَ الْجَانِي، فَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَ مُوضِحَتَيْهِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: أَرْشَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ تَآكَلَ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا، كَانَ كَمَا لَوْ رَفَعَهُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسَرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، وَلَوْ رَفَعَ الْجِلْدَ أَوِ اللَّحْمَ، أَوْ تَآكَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَفِيهِ الْأَوْجُهُ الْأَرْبَعَةُ.
وَلَوْ رَفَعَ الْحَاجِزَ غَيْرُ الْجَانِي؛ فَعَلَيْهِ أَرْشُ مُوضِحَةٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: أَرْشَانِ، وَلَوْ رَفَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، فَفَعَلَهُ هُدِرَ، وَلَا يَسْقُطْ بِهِ شَيْءٌ مِمَّا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي، وَلَوْ أَوْضَحَهُ رَجُلَانِ، فَتَآكَلَ الْحَاجِزُ بَيْنَ مُوضِحَتَيْهِمَا، عَادَتَا إِلَى وَاحِدَةٍ؛ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْأَرْشِ، وَلَوِ اشْتَرَكَا فِي مُوضِحَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا؛ فَعَلَى الرَّافِعِ نِصْفُ أَرْشٍ وَعَلَى الْآخَرِ أَرْشٌ كَامِلٌ.
فَرْعٌ
شَجَّهُ شَجَّةً، بَعْضُهَا مُوضِحَةٌ، وَبَعْضُهَا مُتَلَاحِمَةٌ، أَوْ سِمْحَاقٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute