فَصْلٌ
وَأَمَّا تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتَبِ، فَهُوَ كَالْحُرِّ فِي مُعْظَمِهَا، فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي، وَيُؤَجِّرُ وَيَسْتَأْجِرُ، وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، وَيَقْبَلُ الْهِبَةَ، وَالْوَصِيَّةَ، وَالصَّدَقَةَ، وَيَصْطَادُ وَيَحْتَطِبُ، وَيُؤَدِّبُ عَبِيدَهُ إِصْلَاحًا لِلْمَالِ، كَمَا يَقْصِدُهُمْ وَيَخْتِنُهُمْ.
وَفِي إِقَامَتِهِ الْحُدُودَ عَلَيْهِمْ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الْحُدُودِ. وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ أَوْ عَبِيدَهُ أَوْ أَمْوَالَهُ، فَعَجَّزَهُ السَّيِّدُ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ.
وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَزِيدَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى مُدَّةِ النُّجُومِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيهِ تَبَرُّعٌ أَوْ خَطَرٌ. هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْجُمَلِيُّ فِيهِ وَفِي تَفْصِيلِهِ صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: لَا يَصِحُّ إِعْتَاقُهُ وَلَا إِبْرَاؤُهُ عَنْ دَيْنٍ وَلَا هِبَةٍ مَجَّانًا، وَلَا بِشَرْطِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ فِي قَدْرِ الثَّوَابِ خِلَافًا، فَقَدْ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِقَلِيلٍ.
وَإِنْ شَرَطَ فِيهَا ثَوَابًا مَعْلُومًا، وَلَمْ يَكُنْ [فِيهِ] غَبْنٌ، وَقُلْنَا: هَذِهِ الْهِبَةُ بَيْعٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ الْإِقْبَاضُ، فَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى قِيَاسِ الْبُيُوعِ.
وَكَذَا إِنْ شَرَطْنَا الْإِقْبَاضَ صَحَّتِ الْهِبَةُ، لَكِنْ لَا يُسَلِّمُهَا حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَحِلُّ لَهُ التَّبَسُّطُ فِي الْمَلَابِسِ وَالْمَآكِلِ، وَلَا يُكَلِّفُ فِيهَا التَّقْتِيرَ الْمُفْرِطَ.
الثَّالِثَةُ: لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَالِ إِلَى غَيْرِهِ قِرَاضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخُونُ أَوْ يَمُوتُ فَيَضِيعُ. وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ إِقْرَاضًا؛ لِأَنَّهُ أَكْسَابٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ، وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ، وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute