هُنَاكَ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ؛ وَإِلَّا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ، وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِمْ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِالْقَتْلِ وَكَتَبَ إِلَى قَاضِي بَلَدِهِمْ لِيَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ، وَيَأْخُذَهَا مِنْهُمْ.
وَإِنْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَحَضَرَ بَعْضُهُمْ، نُظِرَ، إِنِ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ مَنْ حَضَرَ لِقُرْبِ دَارِهِ وَإِمْكَانِ النُّصْرَةِ مِنْهُ. وَأَظْهَرُهُمَا: تُضْرَبُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ حَضَرُوا كُلُّهُمْ أَوْ غَابُوا، وَعَلَى الْأَوَّلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَاضِرِينَ وَفَاءٌ، ضُرِبَ الْبَاقِي عَلَى الْغَائِبِينَ، وَطَرِيقُهُ كِتَابُ الْقَاضِي كَمَا سَبَقَ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ؛ قَدِمَ الْأَقْرَبُ دَارًا فَالْأَقْرَبُ.
هَكَذَا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ الْجُمْهُورُ، وَجَعَلَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْحَاضِرِينَ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ دَرَجَتُهُمْ؛ فَإِنْ كَانَ الْحَاضِرُونَ أَقْرَبَ، وُزِّعَ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنْ لَمْ يَفُوا بِالْوَاجِبِ كَتَبَ الْقَاضِي لِمَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانُوا أَبْعَدَ فَفِي تَخْصِيصِ الْحَاضِرِينَ طَرِيقَانِ: أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْخِلَافِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالضَّرْبِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَإِنْ بَعُدَتْ دَارُهُمْ؛ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ.
فَصْلٌ
ابْتِدَاءً الْمُدَّةُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ مِنْ وَقْتِ الزَّهُوقِ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ بِجُرْحٍ مُذَفَّفٍ أَوْ بِسَرَايَةِ جُرْحٍ وَلَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ: إِنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي؛ فَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» عَنِ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْغَزَالِيَّ؛ وَأَمَّا أَرْشُ مَا دُونَ النَّفْسِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْرِ وَانْدَمَلَتْ، فَابْتِدَاءُ مُدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ أَبُو الْفَيَّاضِ: مِنَ الِانْدِمَالِ؛ فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ تَنْدَمِلْ؛ فَفِي مُطَالَبَةِ الْعَاقِلَةِ بِالْأَرْشِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي مُطَالَبَةِ الْجَانِي الْعَامِدِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَإِنْ سَرَتْ مِنْ عُضْوٍ إِلَى عُضْوٍ بِأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ؛ فَسَرَتْ إِلَى كَفِّهِ؛ فَهَلِ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ سُقُوطِ الْكَفِّ أَمْ مِنْ الِانْدِمَالِ، أَمْ أَرْشُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute