كَعُرُوضِ الْقَتْلِ عَلَى إِمْسَاكِ الْمُمْسِكِ.
لَكِنْ لَوْ أَلْجَأَهُ إِلَيْهِ فِي مَضِيقٍ، وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتَّبِعِ، وَلَوِ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ؛ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ. وَلَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَى السَّقْفِ مِنْ عُلُوٍّ؛ فَانْخَسَفَ بِهِ لِثِقَلِهِ؛ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنِ الْمُتَّبِعِ إِذَا أَلْقَى الْمَطْلُوبُ نَفْسَهُ فِي مَاءٍ، أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ قَصْدًا، أَرَدْنَا بِهِ الْعَاقِلَ الْبَالِغَ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا؛ فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ خَطَأٌ؟ إِنْ قُلْنَا: خَطَأٌ، ضُمِنَ؛ وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ
سَلَّمَ صَبِيًّا إِلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ السِّبَاحَةَ، فَغَرِقَ، وَجَبَتْ فِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ كَمَا لَوْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ لِلتَّأْدِيبِ فَهَلَكَ. وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ، كَمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مَسْبَعَةٍ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ يُعَلِّمُهُ السِّبَاحَةَ بِنَفْسِهِ فَغَرِقَ، وَلَوْ أَدْخَلَهُ الْمَاءَ لِيَعْبُرَهُ بِهِ؛ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ خَتَنَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ أَكْلَةٍ؛ فَمَاتَ مِنْهُ.
كَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ سَلَّمَ بَالِغَ نَفْسِهِ، لِيُعَلِّمْهُ السِّبَاحَةَ؛ فَفِي «الْوَسِيطِ» أَنَّهُ إِنْ خَاضَ مَعَهُ اعْتِمَادًا عَلَى يَدِهِ، فَأَهْمَلَهُ؛ احْتُمِلَ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَغْتَرَّ بِقَوْلِ السَّبَّاحِ.
فَصْلٌ
فِي بَيَانِ الْحَفْرِ الَّذِي هُوَ فِي مَحَلِّ عُدْوَانٍ وَغَيْرِهِ، وَالْحَفْرُ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ؛ أَحَدُهَا: إِذَا حَفَرَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ؛ فَلَا عُدْوَانَ؛ فَلَوْ دَخَلَ مِلْكَهُ دَاخِلٌ بِإِذْنِهِ، وَتَرَدَّى فِيهِ، لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ إِذَا عَرَّفَهُ الْمَالِكُ أَنَّ هُنَاكَ بِئْرًا، أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةً وَالدَّاخِلُ مُتَمَكِّنٌ مِنَ التَّحَرُّزِ؛ فَأَمَّا إِذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute