فَرْعٌ
فِي مَسَائِلَ مَحْكِيَّةٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
لَوْ قَالَ: وَهَبْتُهُ لَهُ وَمَلَّكَهُ، لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ، لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ لُزُومَهَا وَحُصُولَ الْمِلْكِ بِالْعَقْدِ، وَالْإِقْرَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْيَقِينِ. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُهُ لَهُ وَخَرَجْتُ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ، كَانَ إِقْرَارًا بِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ، فَلَا. وَلَوْ قِيلَ لَهُ: وَهَبْتُ دَارَكَ لِفُلَانٍ وَأَقْبَضْتُهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، كَانَ إِقْرَارًا بِالْهِبَةِ وَالْإِقْبَاضِ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْهِبَةِ فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوَابِ
فِيهِ طَرَفَانِ.
[الطَّرَفُ] الْأَوَّلُ: فِي الرُّجُوعِ، فَالْهِبَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ، وَمُقَيَّدَةٍ بِإِثْبَاتِهِ، وَمُطْلَقَةٍ. أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِنَفْيِ الثَّوَابِ، فَتَلْزَمُ بِنَفْسِ الْقَبْضِ، وَلَا رُجُوعَ فِيهَا إِلَّا لِلْوَالِدِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
فَصْلٌ
يَنْبَغِي لِلْوَالِدِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ أَوْلَادِهِ فِي الْعَطِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ، فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا، لَكِنْ تَصِحُّ الْهِبَةُ. وَالْأَوْلَى فِي هَذَا الْحَالِ، أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرِينَ مَا يُحِبُّهُ الْعَدْلُ. وَلَوْ رَجَعَ، جَازَ. وَإِذَا أَعْطَى وَعَدَلَ، كُرِهَ لَهُ الرُّجُوعُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ وَلَدًا وَاحِدًا، فَوَهَبَ لَهُ، كُرِهَ الرُّجُوعُ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ عَفِيفًا بَارًّا، فَإِنْ كَانَ عَاقًّا أَوْ يَسْتَعِينُ بِمَا أَعْطَاهُ فِي مَعْصِيَةٍ، فَلْيُنْذِرْهُ بِالرُّجُوعِ. فَإِنْ أَصَرَّ، لَمْ يُكْرَهُ الرُّجُوعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute