الْإِمَامُ: وَقَعَتِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَتَاوَى، وَأَكْثَرُوا فِي التَّعْبِيرِ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقِيلَ: هِيَ صُفْرَةُ الْوَجْهِ، وَقِيلَ: الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ، وَكَانَ جَوَابُنَا فِيهِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ. قَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : وَفِيهِ نَظَرٌ.
فَرْعٌ
لَوْ تَخَاصَمَ الزَّوْجَانِ، فَقَالَ أَبُوهَا لِلزَّوْجِ: لِمَ تُحَرِّكُ لِحْيَتَكَ فَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَهَا كَثِيرًا؟ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ اللِّحْيَةِ كَثِيرًا، فَابْنَتُكَ طَالِقٌ، فَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَنِ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ، طُلِّقَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ نُسِبَ إِلَى فِعْلٍ سَيِّئٍ كَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ، فَقَالَ: مَنْ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَكَانَ ذَلِكَ فِعْلَهُ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ طَلَاقًا، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ ذَمُّ مَنْ يَفْعَلُهُ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: سَرَقْتِ أَوْ زَنَيْتِ، فَقَالَتْ: لَمْ أَفْعَلْ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتِ سَرَقْتِ أَوْ زَنَيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ.
فَصْلٌ
قَالَ: إِنْ خَالَفْتِ أَمْرِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُكَلِّمِي زَيْدًا، فَكَلَّمَتْهُ، قَالُوا: لَا تُطَلَّقُ لِأَنَّهَا خَالَفَتِ النَّهْيَ دُونَ الْأَمْرِ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ خَالَفْتِ نَهْيِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ: قُومِي، فَقَعَدَتْ، وَقَعَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ
[عَنْ] أَضْدَادِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ، إِذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ. وَإِنْ كَانَ، فَالْيَمِينُ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى اللُّغَةِ أَوِ الْعُرْفِ، لَكِنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute