فَصْلٌ
إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ عَنِ الصَّلَاةِ بِحَدَثٍ تَعَمَّدَهُ، أَوْ سَبَقَهُ، أَوْ بِسَبَبِ غَيْرِهِ، أَوْ بِلَا سَبَبٍ، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، فَفِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا الْجَدِيدُ: يَجُوزُ. وَالْقَدِيمُ: لَا يَجُوزُ. وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْمَذْهَبُ: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. فَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ الِاسْتِخْلَافَ، أَتَمَّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ فُرَادَى. وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخَلِيفَةِ صَالِحًا لِإِمَامَةِ الْقَوْمِ. فَلَوِ اسْتَخْلَفَ لِإِمَامَةِ الرِّجَالِ امْرَأَةً، فَهُوَ لَغْوٌ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ إِلَّا أَنْ يَقْتَدُوا بِهَا. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَيُشْتَرَطُ حُصُولُ الِاسْتِخْلَافِ عَلَى قُرْبٍ. فَلَوْ فَعَلُوا عَلَى الِانْفِرَادِ رُكْنًا ; امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ بَعْدَهُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخَلِيفَةِ مِمَّنِ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ قَبْلَ حَدَثِهِ؟ قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ: إِنِ اسْتَخْلَفَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوِ الثَّالِثَةِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ مَنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ جَازَ، لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهُمْ فِي التَّرْتِيبِ، وَإِنِ اسْتَخْلَفَهُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوِ الْأَخِيرَةِ، لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقِيَامِ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى الْقُعُودِ. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْخَلِيفَةِ مِمَّنِ اقْتَدَى بِهِ. وَبِهِ قَطَعَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَزَادَ فَقَالَ: لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ أَجْنَبِيًّا فَتَقَدَّمَ، لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً، بَلْ عَاقِدٌ لِنَفْسِهِ صَلَاةً، جَازَ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ فِيهَا. فَلَوِ اقْتَدَى بِهِ الْقَوْمُ، فَهُوَ اقْتِدَاءُ مُنْفَرِدِينَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ. وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ، لِأَنَّ قُدْوَتَهُمُ انْقَطَعَتْ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ عَنِ الصَّلَاةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخَلِيفَةِ مُقْتَدِيًا فِي الْأُولَى، بَلْ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ. ثُمَّ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ نَظْمِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَيَقْعُدُ فِي مَوْضِعِ قُعُودِهِ، وَيَقُومُ فِي مَوْضِعِ قِيَامِهِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الصَّلَاةِ، حَتَّى لَوْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِيهَا، وَاسْتَخْلَفَهُ ; قَنَتَ وَقَعَدَ فِيهَا لِلتَّشَهُّدِ، ثُمَّ يَقْنُتُ فِي الثَّانِيَةِ لِنَفْسِهِ. وَلَوْ سَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute