قُلْتُ: هَذَا الْمَنْقُولُ عَنِ الْأَكْثَرِينَ، هُوَ الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا قَرِيبَةً، وَالْأُخْرَى بَعِيدَةً، اخْتَصَّتِ الْقَرِيبَةُ بِالْمُشَارَكَةِ.
فَرْعٌ
بَعَثَ الْإِمَامُ جَاسُوسًا، فَغَنِمَ الْجَيْشُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، شَارَكَهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ الدَّارَكِيُّ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهُمْ لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَخَاطَرَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ شُهُودِ الْوَقْعَةِ.
فَصْلٌ
إِذَا شَهِدَ الْأَجِيرُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ الْوَقْعَةَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ، كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ، اسْتَحَقَّ السَّهْمَ قَطْعًا. وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، بِأَنِ اسْتَأْجَرَهُ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ شَهْرًا، فَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، فَلَا سَهْمَ لَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ؛ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَأَطْلَقَ الْمَسْعُودِيُّ وَآخَرُونَ الْأَقْوَالَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يُقَاتِلَ، أَوْ لَا. وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ. أَظْهَرُهَا: لَهُ السَّهْمُ؛ لِحُضُورِ الْوَقْعَةِ. وَالثَّانِي: لَا. وَعَلَى هَذَيْنِ، يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُقْتَضَى الْإِجَارَةِ. وَالثَّالِثُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأُجْرَةِ وَالسَّهْمِ. فَإِنِ اخْتَارَ الْأُجْرَةَ، فَلَا سَهْمَ. وَإِنِ اخْتَارَ السَّهْمَ، فَلَا أُجْرَةَ.
قَالَ صَاحِبُ ((الْإِفْصَاحِ)) : هَذَا الثَّالِثُ هُوَ فِيمَا إِذَا اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ لِسَقْيِ الْغُزَاةِ وَحِفْظِ دَوَابِّهِمْ مِنْ سَهْمِ الْغُزَاةِ مِنَ الصَّدَقَاتِ، فَيُخَيِّرُهُ الْإِمَامُ، أَمَّا أَجِيرُ آحَادِ النَّاسِ فَلَا يَجِيءُ فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَارِي بَيْنَهُمَا صُورَةَ جُعَالَةٍ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute