يَجْرِي الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي كُلِّ أَجِيرٍ، كَمَا أَطْلَقَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْإِجَارَةِ لَا يَخْتَلِفُ. ثُمَّ عَلَى الثَّالِثِ، إِذَا اخْتَارَ السَّهْمَ، فَفِيمَا يَسْقُطُ مِنَ الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: قِسْطُهَا مِنْ وَقْتِ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ. وَأَصَحُّهُمَا: مِنْ وَقْتِ شُهُودِ الْوَقْعَةِ.
وَأَمَّا وَقْتُ تَخْيِيرِهِ، فَنُقِلَ فِي ((الشَّامِلِ)) عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُخَيِّرُ، إِمَّا قَبْلَ الْقِتَالِ، وَإِمَّا بَعْدَهُ. فَيُقَالُ قَبْلَهُ: إِنْ أَرَدْتَ الْقِتَالَ، فَاطْرَحِ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْأُجْرَةَ فَاطْرَحِ الْجِهَادَ. وَيُقَالُ بَعْدَهُ: إِنْ كُنْتَ قَصَدْتَ الْجِهَادَ، فَلَا أُجْرَةَ لَكَ، وَإِنْ كُنْتَ قَصَدْتَ الْأُجْرَةَ، فَخُذْهَا وَلَا سَهْمَ لَكَ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْغَرَضُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا.
فَرْعٌ
إِذَا أَسْهَمْنَا لِلْأَجِيرِ، فَلَهُ السَّلَبُ إِذَا قَتَلَ. وَإِنْ لَمْ نُسْهِمْ، فَوَجْهَانِ. وَعَلَى هَذَا، يَرْضَخُ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْعَبْدِ. وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ.
هَذَا الْمَذْكُورُ فِي الْأَجِيرِ لِغَيْرِ الْجِهَادِ. فَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْجِهَادِ، فَفِي صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي ((السِّيَرِ)) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ صَحَّتِ الْإِجَارَةُ، فَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَلَا سَهْمَ وَلَا رَضْخَ، وَإِلَّا، فَلَا أُجْرَةَ. وَفِي سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ؛ لِشُهُودِهِ الْوَقْعَةَ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، قَاتَلَ، أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْهُ بِالْإِجَارَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute