فَاسِدًا، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْخُلْعُ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ. فَلَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ أَوْ طَلَّقْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْكِ الرَّجْعَةَ، فَنَقَلَ الرَّبِيعُ وَالْمُزَنِيُّ، أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ.
وَخَرَّجَ الْمُزَنِيُّ وَنَقَلَ الرَّبِيعُ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يَلْغُو شَرْطُ الرَّجْعَةِ، وَتَحْصُلُ الْبَيْنُونَةُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
فَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ الْوَكِيلِ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ، وَرَجَّحَا الْبَيْنُونَةَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَذَهَبَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ إِلَى الْقَطْعِ بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا بِلَا مَالٍ.
وَلَوْ خَالَعَهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَدَّ الْمِائَةَ، وَكَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ، وَتَحْصُلُ الْبَيْنُونَةُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ.
وَقِيلَ بِالْجَزْمِ بِالْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِ الرَّجْعَةِ هُنَا، وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ.
فَصْلٌ
لَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ خُلْعِهَا، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ. وَلَوْ وَكَّلَتِ الزَّوْجَةُ امْرَأَةً بِاخْتِلَاعِهَا، جَازَ بِلَا خِلَافٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ الْمُسْلِمَةَ وَيُطَلِّقُهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَتَخَلَّفَ، فَخَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ، حُكِمَ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ الزَّوْجُ بِالْخُلْعِ الْعَبْدَ وَالْمَكَاتَبَ، وَالسَّفِيهَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إِذْنُ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ فِي الْخُلْعِ عُهْدَةُ تَوْكِيلِ الزَّوْجِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فِي الْقَبْضِ.
فَإِنْ فَعَلَ وَقَبَضَ، فَفِي «التَّتِمَّةِ» أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ، وَيَكُونُ الزَّوْجُ مُضَيِّعًا لِمَالِهِ. وَلَوْ وَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ فِي الِاخْتِلَاعِ عَبْدًا، جَازَ سَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ أَمْ لَا.
فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَاعُ عَلَى عَيْنِ مَالِهَا، فَذَاكَ. وَإِنْ كَانَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute