وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ فِي «جَامِعِهِ» وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا: بِأَنَّ أَهْلَ مِنَى كَغَيْرِهِمْ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَثَبَتَ فِي صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ضَحَّى فِي مِنَى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الْعَقِيقَةِ
هِيَ سُنَّةٌ، وَالْمُسْتَحَبُّ ذَبْحُهَا يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ، وَيُحْسَبُ مِنَ السَّبْعَةِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: وَإِنْ وُلِدَ لَيْلًا، حُسِبَ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قَطْعًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْبُوَيْطِيِّ» ، وَنَصَّ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِي أَثْنَائِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُجْزِئُ ذَبْحُهَا قَبْلَ فَرَاغِ السَّبْعَةِ، وَلَا يُحْسَبُ قَبَلَ الْوِلَادَةِ، بَلْ تَكُونُ شَاةَ لَحْمٍ. وَلَا تَفُوتُ بِتَأْخِيرِهَا عَنِ السَّبْعَةِ، لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ إِلَى الْبُلُوغِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنْ لَمْ تُذْبَحْ فِي السَّابِعِ، ذُبِحَتْ فِي الرَّابِعِ عَشَرٍ، وَإِلَّا فَفِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ. وَقِيلَ: إِذَا تَكَرَّرَتِ السَّبْعَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَاتَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ. فَإِنْ أُخِّرَتْ حَتَّى بَلَغَ، سَقَطَ حُكْمُهَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَوْلُودِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْعَقِيقَةِ عَنْ نَفْسِهِ. وَاسْتَحْسَنَ الْقَفَّالُ وَالشَّاشِيُّ: أَنْ يَفْعَلَهَا. وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ. وَنَقَلُوا عَنْ نَصِّهِ فِي «الْبُوَيْطِيِّ» : أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَاسْتَغْرَبُوهُ.
قُلْتُ: قَدْ رَأَيْتُ نَصَّهُ فِي نَفْسِ كِتَابِ «الْبُوَيْطِيِّ» قَالَ: وَلَا يَعُقُّ عَنْ كَبِيرٍ. هَذَا لَفْظُهُ، وَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: لَا يَعَقُّ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ عَقِّهِ عَنْ نَفْسِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute