الرُّويَانِيُّ: أَنَّ مَنْ ذَبَحَ لِلْجِنِّ وَقَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيَصْرِفَ شَرَّهُمْ عَنْهُ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَإِنْ قَصَدَ الذَّبْحَ لَهُمْ فَحَرَامٌ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ فِي «الْبَحْرِ» : قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: مَنْ نَذَرَ الْأُضْحِيَّةَ فِي عَامٍ، فَأَخَّرَ عَصَى، وَيَقْضِي كَمَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ: مَنْ ضَحَّى بِعَدَدٍ، فَرَّقَهَ عَلَى أَيَّامِ الذَّبْحِ، فَإِنْ كَانَ شَاتَيْنِ، ذَبَحَ شَاةً فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَالْأُخْرَى فِي آخِرِ الْأَيَّامِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ أَرْفَقَ بِالْمَسَاكِينِ، إِلَّا أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، فَقَدْ نَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِائَةَ بَدَنَةٍ أَهْدَاهَا، فَالسُّنَّةُ: التَّعْجِيلُ وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَالْمُبَادَرَةُ بِالصَّالِحَاتِ، إِلَّا مَا ثَبَتَ خِلَافُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسَةُ: مَحَلُّ التَّضْحِيَةِ، بَلَدُ الْمُضَحِّي، بِخِلَافِ الْهَدْيِ. وَفِي نَقْلِ الْأُضْحِيَّةِ، وَجْهَانِ، تَخْرِيجًا مِنْ نَقْلِ الزَّكَاةِ.
السَّابِعَةُ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُضَحِّيَ فِي بَيْتِهِ بِمَشْهَدِ أَهْلِهِ. وَفِي «الْحَاوِي» : أَنَّهُ يَخْتَارُ الْإِمَامُ أَنْ يُضَحِّيَ لِلْمُسْلِمِينَ كَافَّةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِبَدَنَةٍ، يَنْحَرُهَا فِي الْمُصَلَّى. فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ، فَشَاةٌ، وَأَنَّهُ يَتَوَلَّى النَّحْرَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ ضَحَّى مِنْ مَالِهِ، ضَحَّى حَيْثُ شَاءَ.
قُلْتُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي «الْبُوَيْطِيِّ» : الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ وَجَدَ السَّبِيلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى، وَالْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْحَاجِّ مِنْ أَهْلِ مِنَى وَغَيْرِهِمْ، مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ. هَذَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا حَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ فِي كِتَابِهِ «الْكِفَايَةُ» : أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ سُنَّةٌ، إِلَّا فِي حَقِّ الْحَاجِّ بِمِنَى، فَإِنَّهُ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا يُنْحَرُ بِمِنَى هَدْيٌ، وَكَمَا لَا يُخَاطَبُ الْحَاجُّ فِي مِنَى بِصَلَاةِ الْعِيدِ، فَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فَاسِدٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute