فَصْلٌ
إِذَا ادَّعَى قَيِّمُ الْيَتِيمِ أَوِ الْوَصِيِّ دَفْعَ الْمَالِ إِلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ.
إِذَا طَالَبَ الْمَالِكُ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ بِالرَّدِّ، فَقَالَ: لَا أَرُدُّ حَتَّى تَشْهَدَ عَلَيْكَ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ كَالْمُوَدِّعِ وَالْوَكِيلِ، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: بَلَى.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ إِلَى الْإِشْهَادِ يُؤَخِّرُ التَّسْلِيمَ، فَلَيْسَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ، فَلَهُ الِامْتِنَاعُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
صَحَّحَ الْبَغَوِيُّ الِامْتِنَاعَ، وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، وَيَحْلِفُ، وَالْمَدْيُونُ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَمَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّ الْأَعْيَانِ.
إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِزَيْدٍ، أَوْ عَيْنٌ فِي يَدِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا وَكِيلُهُ بِالْقَبْضِ مِنْكَ فَأَقْبِضْنِيهِ، فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ، فَلَهُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ. فَإِنْ دَفَعَ فَحَضَرَ زَيْدٌ، وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. فَإِذَا حَلَفَ، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا، أَخَذَهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ، فَلَهُ تَغْرِيمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ، فَلَا يُؤَاخِذُ غَيْرَ ظَالِمِهِ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : هَذَا إِذَا تَلِفَتَ بِلَا تَفْرِيطٍ وَإِنْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِ الْقَابِضِ، نُظِرَ، إِنْ غَرِمَ الْقَابِضُ، فَلَا رُجُوعَ. وَإِنْ غَرِمَ الدَّافِعُ، رَجَعَ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ وَكِيلٌ عِنْدَهُ، وَالْوَكِيلُ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ، وَزَيْدٌ ظَالِمُهُ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute