أَفْتَى الْمَحْمُودِيُّ. وَالثَّانِي قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ: إِنْ قَصَدَ بِالشِّرَاءِ الْغَنَاءَ، بَطَلَ، وَإِلَّا فَلَا. وَالثَّالِثُ: صِحَّةُ الْبَيْعِ قَالَهُ الْأَوْدَنِيُّ، قَالَ: وَمَا سِوَى ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ.
قُلْتُ: وَاخْتَارَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلَوْ بِيعَتْ بِأَلْفٍ، فَالْبَيْعُ صَحِيحُ بِلَا خِلَافٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
أَصْدَقَ ذِمِّيٌّ خَمْرًا، ثُمَّ أَسْلَمَا وَتَرَافَعَا إِلَيْنَا، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ، لَمْ نَحْكُمْ لَهَا بِشَيْءٍ. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ، حَكَمْنَا بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَلَوْ صَارَتِ الْخَمْرَةُ الْمُصْدَقَةُ فِي يَدِهِ خَلًّا، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، فَوَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا شَيْءَ لَهَا إِلَّا الْخَلَّ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ; لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا تَصْلُحُ صَدَاقًا، وَلَا عِبْرَةً بِذِكْرِهَا إِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبَضٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَصِيرًا، فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ عَادَ خَلًّا، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إِلَيْنَا، لَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَصِيرِ. وَلَوْ قَبَضَتِ الذِّمِّيَّةُ الْخَمْرَ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إِلَيْنَا، فَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ وَمَنْعِ إِمْسَاكِ الْخَمْرِ. وَلَوْ صَارَتْ خَلًّا عِنْدَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ إِلَى نِصْفِهِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ بَاقِيَةً وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا، أَمْ لَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ إِنَّمَا يَثْبُتُ إِذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ مَالًا، وَهُنَا حَدَثَتِ الْمَالِيَّةُ فِي يَدِهَا فَهُوَ كَزِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ تَلِفَ الْخَلُّ أَوْ أَتْلَفَتْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَوَجْهَانِ. أَصَحَّهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْخِضْرِيِّ: يَرْجِعُ بِمِثْلِ نِصْفِ الْخَلِّ. وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute