قُلْتُ: وَلَوْ أَرَادَتْ طَائِفَةٌ النُّزُولَ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْبَادِيَةِ لِلِاسْتِيطَانِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَ نُزُولُهُمْ مُضِرًّا بِالسَّابِلَةِ، مَنَعَهُمُ السُّلْطَانُ قَبْلَ النُّزُولِ أَوْ بَعْدَهُ. وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ، رَاعَى الْأَصْلَحَ فِي نُزُولِهِمْ وَمَنَعَهَمْ وَنَقَلَ غَيْرَهُمْ إِلَيْهَا. فَإِنْ نَزَلُوا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لَمْ يَمْنَعْهُمْ، كَمَا لَا يُمْنَعُ مَنْ أَحْيَا مَوَاتًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَدَبَّرَهُمْ بِمَا يَرَاهُ صَلَاحًا لَهُمْ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ إِحْدَاثِ زِيَادَةٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الْمُرْتَفِقُ بِالشَّارِعِ وَالْمَسَاجِدِ، إِذَا طَالَ مُقَامُهُ هَلْ يُزْعَجُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُرْتَفِقِينَ وَقَدْ سَبَقَ. وَالثَّانِي: نَعَمْ. لِتَمَيُّزِ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الْمَمْلُوكِ. وَأَمَّا الرُّبُطُ الْمَوْقُوفَةُ، فَإِنَّ عَيَّنَ الْوَاقِفُ مُدَّةَ الْمَقَامِ، فَلَا مَزِيدَ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ. وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ، نُظِرَ إِلَى الْغَرَضِ الَّذِي بُنِيَتْ لَهُ، وَعُمِلَ بِالْمُعْتَادِ فِيهِ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ فِي رِبَطِ الْمَارَّةِ إِلَّا لِمَصْلَحَتِهَا، أَوْ لِخَوْفٍ يَعْرِضُ، أَوْ أَمْطَارٍ تَتَوَاتَرُ، وَفِي الْمَدْرَسَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ، يُمَكَّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ إِلَى إِتْمَامِ غَرَضِهِ. فَإِنْ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَالتَّحْصِيلَ، أُزْعِجَ. وَفِي الْخَانِقَاهُ، لَا يُمْكِنُ هَذَا الضَّبْطُ، فَفِي الْإِزْعَاجِ إِذَا طَالَ مَقَامُهُ مَا سَبَقَ فِي الشَّوَارِعِ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَعْيَانِ الْخَارِجَةِ مِنَ الْأَرْضِ
فِيهِ طَرَفَانِ.
[الطَّرَفُ] الْأَوَّلُ: فِي الْمَعَادِنِ، وَهِيَ الْبِقَاعُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمَطْلُوبَةِ، وَهِيَ قِسْمَانِ، ظَاهِرَةٌ، وَبَاطِنَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute