فَالظَّاهِرَةُ: هِيَ الَّتِي يَبْدُو جَوْهَرُهَا بِلَا عَمَلٍ، وَإِنَّمَا السَّعْيُ وَالْعَمَلُ لِتَحْصِيلِهِ. ثُمَّ تَحْصِيلُهُ قَدْ يَسْهُلُ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ تَعَبٌ، وَذَلِكَ كَالنِّفْطِ وَأَحْجَارِ الرَّحَى، وَالْبِرَامِ، وَالْكِبْرِيتِ، وَالْقُطْرَانِ، وَالْقَارِ، وَالْمُومْيَاءِ، وَشِبْهِهَا، فَلَا يُمَلَّكهَا أَحَدٌ بِالْإِحْيَاءِ وَالْعِمَارَةِ، وَإِنْ زَادَ بِهَا النَّيْلُ. وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَيْضًا الْمُتَحَجِّرُ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إِقْطَاعُهَا، بَلْ هِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمِيَاهِ الْجَارِيَةِ، وَالْكَلَأِ، وَالْحَطَبِ. وَلَوْ حَوَّطَ رَجُلٌ عَلَى هَذِهِ الْمَعَادِنِ وَبَنَى عَلَيْهَا دَارًا أَوْ بُسْتَانًا، لَمْ يُمَلَّك الْبُقْعَةَ، لِفَسَادِ قَصْدِهِ. وَأَشَارَ فِي «الْوَسِيطِ» إِلَى خِلَافٍ فِيهِ. وَالْمَعْرُوفُ، الْأَوَّلُ. وَإِذَا ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى مَعْدِنٍ ظَاهِرٍ، وَضَاقَ الْمَكَانُ، فَالسَّابِقُ أَوْلَى. ثُمَّ قَالَ الْجُمْهُورُ: يُقَدَّمُ بِأَخْذِ قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّهَا حَاجَةُ يَوْمٍ أَوْ سَنَةٍ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَالرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ، فَيَأْخُذُ مَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ لِأَمْثَالِهِ. وَإِذَا أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حَقُّ السَّبْقِ، فَهَلْ يُزْعَجُ أَمْ يَأْخُذُ مَا شَاءَ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ: يُزْعَجُ. فَأَمَّا إِذَا جَاءَا مَعًا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا.
وَالثَّانِي: يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ وَيُقَدِّمُ مَنْ يَرَاهُ أَحْوَجَ وَأَحَقَّ. وَالثَّالِثُ: يُنَصِّبُ مَنْ يُقَسِّمُ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: الْأَوْجُهُ فِيمَا إِذَا كَانَا يَأْخُذَانِ لِلْحَاجَةِ. فَإِنْ كَانَا يَأْخُذَانِ لِلتِّجَارَةِ، يُهَايَأُ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الِابْتِدَاءِ، أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَالْأَشْهُرُ: إِطْلَاقُ الْأَوْجُهِ. وَعَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ: إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تَاجِرًا وَالْآخَرُ مُحْتَاجًا، يُشْبِهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُحْتَاجَ.
فَرْعٌ [مِنَ] الْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ، الْمِلْحُ الَّذِي يَنْعَقِدُ مِنَ الْمَاءِ، وَكَذَا الْجَبَلِيُّ إِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى حَفْرٍ وَتَنْحِيَةِ تُرَابٍ، وَالْجِصُّ، وَالْمَدَرُ، وَأَحْجَارُ النَّوْرَةِ. وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ «الْمِفْتَاحِ» عُدَّ الْمِلْحُ الْجَبَلِيُّ مِنَ الْمَعَادِنِ الْبَاطِنَةِ. وَفِي «التَّهْذِيبِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute