أَمْ لَا يَلْحَقُهُ؟ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ، لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ يَبْطُلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ، فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى.
أَمَّا لَوْ أَتَتْ بِالْوَلَدِ الثَّانِي لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا لَحِقَهُ الْأَوَّلُ، لَحِقَهُ الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ. وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ، هَلْ تَعُودُ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ إِذَا انْقَطَعَتْ عُلْقَةُ الزَّوْجِ عَنْهَا نِكَاحًا وَعِدَّةً؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: تَعُودُ حَتَّى لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ، أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ. وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنِ انْقِطَاعِ عُلْقَةِ الزَّوْجِ، لَحِقَ السَّيِّدَ. وَالثَّانِي: لَا تَعُودُ فِرَاشًا مَا لَمْ يَطَأْهَا، فَلَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنَ الطَّلَاقِ، لَحِقَ بِالزَّوْجِ. لَكِنَّ الْأَظْهَرَ، أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تَعُودُ فِرَاشًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ، لِأَنَّ الْوِلَادَةَ أَقْوَى مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ: كُنْتُ أَطَأُ وَأَعْزِلُ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ، وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِنْزَالُ. وَقِيلَ: يَنْتَفِي عَنْهُ كَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ أَطَأُ فِي الدُّبُرِ، لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ أُصِيبُهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ
لَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، فَوَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ بَيَانُ أَنَّهُ مَتَى يَلْحَقُهُ هَذَا الْوَلَدُ بِالنِّكَاحِ، وَمَتَى يَلْحَقُهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَمَتَى لَا يَلْحَقُهُ؟ وَلَا يُحْكَمُ بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ إِذَا احْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنَ النِّكَاحِ فَلَمْ يُقِرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ.
وَقِيلَ: يُلْحَقُ إِذَا أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ وَطْءِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَكِنِ احْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنَ النِّكَاحِ، ثَبَتَتْ أُمُومَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ لِزَمَنٍ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute