فِيهَا التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، كَالصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ، أَوِ الْقَبْضِ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، كَالسَّلَمِ - لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهَا وَإِنْ ثَبَتَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا أَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ فِي الشُّفْعَةِ بِلَا خِلَافٍ. وَكَذَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَى مَا حَكَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَإِلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْغَرِيبَ الْمَذْكُورَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِلْبَائِعِ لِمُفْلِسٍ، لَمْ يُطَرِّدُوهُ هُنَا، وَإِلَّا أَنَّ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً تَنْفِي خِيَارَ الشَّرْطِ، وَإِلَّا أَنَّ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا طَرِيقَةً مِثْلَ ذَلِكَ. وَحُكْمُ شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الصَّدَاقِ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ.
فَصْلٌ
يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْعَاقِدَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُشْرَطَ لِأَحَدِهِمَا يَوْمٌ، وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ. فَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ أَجْنَبِيًّا، فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: يَفْسُدُ الْبَيْعُ. وَأَظْهَرُهُمَا: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ.
وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَشْرُطَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا الْخِيَارَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَشْرُطَ هَذَا الْخِيَارَ لِوَاحِدٍ وَهَذَا لِآخَرَ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلشَّارِطِ أَيْضًا قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي الصَّرْفِ: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ، اقْتِصَارًا عَلَى الشَّرْطِ. فَإِذَا لَمْ نُثْبِتِ الْخِيَارَ لِلْعَاقِدِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، فَمَاتَ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، ثَبَتَ لَهُ الْآنَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِلْعَاقِدِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْفَسْخِ. وَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ، فَالْفَسْخُ أَوْلَى. وَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنْ يُؤَامِرَ فُلَانًا، فَيَأْتِيَ بِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ، فَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يَجُوزُ، وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ حَتَّى يَقُولَ: اسْتَأْمَرْتُهُ، فَأَمَرَنِي بِالْفَسْخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute