فَصْلٌ
وَمِنْهُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْإِرْضَاعِ، وَيَجِبُ فِيهِ التَّقْدِيرُ بِالْمُدَّةِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ضَبْطِ مَرَّاتِ الْإِرْضَاعِ، وَلَا قَدْرِ مَا يَسْتَوْفِيهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَقَدْ تَعْرِضُ لَهُ الْأَمْرَاضُ وَالْأَسْبَابُ الْمُلْهِيَةُ، وَيَجِبُ تَعْيِينُ الصَّبِيِّ، لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِهِ، وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ، أَهْوَ بَيْتُهُ، أَمْ بَيْتُهَا.
وَمِنْهُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْحَجِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِهِ.
وَمِنْهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ، قُدِّرَ، إِمَّا بِالزَّمَانِ، فَيَقُولُ: تَحْفِرُ لِي شَهْرًا، وَإِمَّا بِالْعَمَلِ، فَيُقَدِّرُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْعُمْقَ، وَيَجِبُ مَعْرِفَةُ الْأَرْضِ بِالْمُشَاهَدَةِ، لِتُعْرَفَ صَلَابَتُهَا وَرَخَاوَتُهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ التُّرَابِ الْمَحْفُورِ. فَإِنِ انْهَارَ شَيْءٌ مِنْ جَوَانِبِ الْبِئْرِ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِخْرَاجُهُ. وَإِذَا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ صُلْبٍ أَوْ حِجَارَةٍ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ يَعْمَلُ فِيهِ الْمِعْوَلُ، وَجَبَ حَفْرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا اقْتَضَتْهُ الْمُشَاهَدَةُ، فَعَلَى هَذَا لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ. وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ الْمِعْوَلُ، أَوْ نَبَعَ الْمَاءُ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ وَتَعَذَّرَ الْحَقُّ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي، وَلَا يَنْفَسِخُ فِيمَا مَضَى عَلَى الْمَذْهَبِ، فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى مَا عَمِلَ وَمَا بَقِيَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute