فَصْلٌ
خَرْصُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ اللَّذَيْنِ تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ مُسْتَحَبٌّ. وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ حِكَايَةِ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْخَرْصُ فِي الزَّرْعِ. وَوَقْتُ خَرْصِ الثَّمَرَةِ بُدُوُّ الصَّلَاحِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَطُوفَ بِالنَّخْلَةِ وَيَرَى جَمِيعَ عَنَاقِيدِهَا وَيَقُولَ: خَرْصُهَا كَذَا رُطَبًا، وَيَجِيءُ مِنْهُ مِنَ التَّمْرِ كَذَا، ثُمَّ يَفْعَلُ بِالنَّخْلَةِ الْأُخْرَى كَذَلِكَ، وَكَذَا بَاقِي الْحَدِيقَةِ. وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ وَقِيَاسِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهَا تَتَفَاوَتُ، وَإِنَّمَا تُخْرَصُ رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا؛ لِأَنَّ الْأَرْطَابَ تَتَفَاوَتُ، فَإِنِ اتَّحَدَ النَّوْعُ جَازَ أَنْ يُخْرَصَ الْجَمِيعُ رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا، ثُمَّ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخْرَصُ جَمِيعُ النَّخْلِ، وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ أَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ نَخْلَةٌ أَوْ نَخَلَاتٌ يَأْكُلُهَا أَهْلُهُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ حَالِ الرَّجُلِ فِي كَثْرَةِ عِيَالِهِ وَقِلَّتِهِمْ.
قُلْتُ: هَذَا الْقَدِيمُ نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْبُوَيْطِيِّ وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْبُيُوعِ وَالْقَدِيمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
هَلْ يَكْفِي خَارِصٌ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ خَارِصِينَ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِخَارِصٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْإِصْطَخْرِيُّ. وَأَصَحُّهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: وَاحِدٌ، وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنَ اثْنَتَيْنِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ خَرَصَ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ، فَلَا بُدَّ مِنِ اثْنَيْنِ، وَإِلَّا كَفَى وَاحِدٌ، وَسَوَاءٌ اكْتَفَيْنَا بِوَاحِدٍ، أَمِ اشْتَرَطْنَا اثْنَيْنِ، فَشَرْطُ الْخَارِصِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا، عَالِمًا بِالْخَرْصِ. وَأَمَّا اعْتِبَارُ الذُّكُورَةِ وَالْحُرِّيَّةِ، فَقَالَ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» : إِنِ اكْتَفَيْنَا بِوَاحِدٍ، اعْتُبِرَا، وَإِلَّا جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute