عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ، وَذَكَرَ الشَّاشِيُّ فِي اعْتِبَارِ الذُّكُورَةِ وَجْهَيْنِ مُطْلَقًا. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنِ اكْتَفَيْنَا بِوَاحِدٍ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْحُكْمِ، فَتُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا اثْنَيْنِ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الشَّهَادَاتِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُشْتَرَطَ الْحُرِّيَّةُ، وَأَنْ تُشْتَرَطَ الذُّكُورَةُ فِي أَحَدِهِمَا، وَتُقَامَ امْرَأَتَانِ مَقَامَ الْآخَرِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَوِ اخْتَلَفَ الْخَارِصَانِ، تَوَقَّفْنَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمِقْدَارُ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
هَلِ الْخَرْصُ عِبْرَةٌ أَوْ تَضْمِينٌ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: تَضْمِينٌ، وَمَعْنَاهُ: يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَسَاكِينِ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرَةِ، وَيَنْتَقِلُ إِلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ.
وَالثَّانِي: عِبْرَةٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ اعْتِبَارٍ لِلْقَدْرِ، وَلَا يَضُرُّ حَقَّ الْمَسَاكِينِ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ. وَفَائِدَتُهُ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَيْضًا: لَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثِّمَارَ، أُخِذَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ مَا خَرَصَ، وَلَوْلَا الْخَرْصُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ. فَإِذَا قُلْنَا: عِبْرَةٌ، فَضَمِنَ الْخَارِصُ لِلْمَالِكِ حَقَّ الْمَسَاكِينِ تَضْمِينًا صَرِيحًا وَقَبِلَهُ الْمَالِكُ، كَانَ لَغْوًا، وَيَبْقَى حَقُّهُمْ عَلَى مَا كَانَ. وَإِذَا قُلْنَا: تَضْمِينٌ، فَهَلْ نَفْسُ الْخَرْصِ تَضْمِينٌ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ الْخَارِصِ بِذَلِكَ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: نَفْسُهُ تَضْمِينٌ، وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَكْفِي تَضْمِينُ الْخَارِصِ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى قَبُولِ الْمَالِكِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالتَّضْمِينِ وَقَبُولِ الْمَالِكِ، فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ ضَمِنَهُ، فَلَمْ يَقْبَلِ الْمَالِكُ، بَقِيَ حَقُّ الْمَسَاكِينِ عَلَى مَا كَانَ، وَهَلْ يَقُومُ وَقْتُ الْخَرْصِ مَقَامَ الْخَرْصِ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا بُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِالتَّضْمِينِ، لَمْ يَقُمْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute