قُلْتُ: الْأَصَحُّ: لَا يَقُومُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا أَصَابَتِ الثِّمَارَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ أَوْ سُرِقَتْ فِي الشَّجَرَةِ أَوْ فِي الْجَرِينِ قَبْلَ الْجَفَافِ، فَإِنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَالِكِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لِفَوَاتِ الْإِمْكَانِ، وَالْمُرَادُ إِذَا لَمْ يُقَصِّرُ. فَأَمَّا إِذَا أَمْكَنَ الدَّفْعُ فَأَخَّرَ، أَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزٍ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الثِّمَارِ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصَابًا زَكَّاهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُونِهِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ لِلضَّمَانِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ، وَإِلَّا زَكَّى الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ. أَمَّا إِذَا أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثَّمَرَةَ أَوْ أَكَلَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا زَكَاةَ، لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ إِنْ قَصَدَ الْفِرَارَ مِنْهَا، وَإِنْ قَصَدَ الْأَكْلَ أَوِ التَّخْفِيفَ عَنِ الشَّجَرَةِ أَوْ غَرَضًا آخَرَ، فَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الصَّلَاحِ، ضَمِنَ لِلْمَسَاكِينِ. ثُمَّ لَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ الْخَرْصِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْخَرْصُ تَضْمِينٌ ضَمِنَ لَهُمْ عُشْرَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ قُلْنَا: عِبْرَةٌ، فَهَلْ يَضْمَنُ عُشْرَ الرُّطَبِ، أَوْ قِيمَةَ عُشْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ: عُشْرُ الْقِيمَةِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْإِتْلَافُ قَبْلَ الْخَرْصِ، فَيُعَزَّرَ، وَالْوَاجِبُ ضَمَانُ الرُّطَبِ، إِنْ قُلْنَا: لَوْ جَرَى الْخَرْصُ لَكَانَ عِبْرَةً. وَإِنْ قُلْنَا: تَضْمِينٌ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: ضَمَانُ الرُّطْبِ. وَالثَّانِي: التَّمْرُ. وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ عُشْرِ الثَّمَنِ، وَقِيمَةُ عُشْرِ الرُّطَبِ. وَالْحَالَانِ مَفْرُوضَانِ فِي رُطَبٍ يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ وَعِنَبٍ يَجِيءُ مِنْهُ زَبِيبٌ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْوَاجِبُ فِي الْحَالَيْنِ ضَمَانُ الرُّطَبِ بِلَا خِلَافٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute