لَا يَعُودُ الْحِنْثُ، لَمْ يُمْكِنْ إِيقَاعُ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَمَا سَبَقَ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ الثَّلَاثَةَ، هِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ، أَمَّا إِذَا عُلِّقَ بِنَفْيِ الضَّرْبِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، فَالْجُنُونُ لَا يُوجِبُ الْيَأْسَ، وَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحْقِيقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا، كَضَرْبِ الْعَاقِلِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتِ الْبَيْنُونَةُ إِلَى الْمَوْتِ، وَلَمْ يَتَّفِقِ الضَّرْبُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمْ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ، لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ، وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِنَفْيِ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ، فَعُرُوضُ الطَّلَاقِ كَعُرُوضِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى مِنَ الطَّلَاقِ عَدَدٌ يُمْكِنُ فَرْضُهُ، مُسْتَنِدًا إِلَى قُبَيْلِ الطَّلَاقِ، فَأَمَّا فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ، فَإِنَّمَا تُفْرَضُ الْبَيْنُونَةُ بِالِانْفِسَاخِ، لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَطَلَتِ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ تُفْرَضَ فِي طَلَاقِ الْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ لَا تَفُوتُ الصِّفَةُ.
فَصْلٌ
«إِنِ» الشَّرْطِيَّةُ هِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، فَإِنْ فُتِحَتْ، صَارَتْ لِلتَّعْلِيلِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، ثُمَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ، إِنَّ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ، فَهُوَ لِلتَّعْلِيقِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ وَلَا يُمَيِّزُ، وَقَالَ: قَصَدْتُ التَّعْلِيقَ، فَيُصَدَّقُ، وَهَذَا أَشْبَهُ، وَإِلَى تَرْجِيحِهِ ذَهَبَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute