للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ «إِنْ» وَ «إِذَا» فَقَالَ: أَرَدْتُ بِإِذَا مَعْنَى إِنْ، دُيِّنَ، وَيُقْبَلُ أَيْضًا ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَيْثُ قُلْنَا: فِي «إِنْ» أَوْ «إِذَا» إِنَّهُ إِذَا مَضَى زَمَنٌ يَسَعُ التَّطْلِيقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ يَقَعُ، فَأَمْسَكَ رَجُلٌ فَمَهُ، أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّطْلِيقِ، قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ مِنَ التَّطْلِيقِ. وَلِلْيَأْسِ طُرُقٌ، أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ التَّطْلِيقِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ.

وَالثَّانِي: إِذَا جُنَّ الزَّوْجُ، لَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ، فَإِنِ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ، تَبَيَّنَّا حُصُولَ الْيَأْسِ مِنْ وَقْتِ الْجُنُونِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْجُنُونِ.

الثَّالِثُ: إِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بِسَبَبٍ، لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ، لِاحْتِمَالِ التَّجْدِيدِ، لِأَنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْبَيْنُونَةِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّجْدِيدِ وَالتَّطْلِيقِ، حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ، هَكَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، لِيُمْكِنَ اجْتِمَاعُهُ هُوَ وَالِانْفِسَاخُ، فَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِكَوْنِهِ ثَلَاثًا، أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يُمْكِنْ إِيقَاعُهُ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّوْرِ، فَإِنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمَا حَصَلَ الِانْفِسَاخُ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلِ الِانْفِسَاخُ لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ، وَأَمَّا إِذَا جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الِانْفِسَاخِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، لَمْ يَفُتِ التَّطْلِيقُ، بَلْ قَدْ حَصَلَ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا، بُنِيَ عَلَى قَوْلَيْ عَوْدِ الْحِنْثِ، إِنْ قُلْنَا: يَعُودُ، طُلِّقَتْ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي قَبْلَ الْمَوْتِ، وَبَنَيْنَا النِّكَاحَ عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ قُلْنَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>