وَفِي جَوَازِ كَوْنِ الْعَامِلِ هَاشِمِيًّا، أَوْ مِنَ الْمُرْتَزِقَةِ، خِلَافٌ سَبَقَ. وَفِي «الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ» لِلْمَاوَرْدِيِّ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَوَّضَ إِلَى مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى، وَلَكِنْ يَكُونُ رِزْقُهُ مِنَ الْمَصَالِحِ.
وَإِذَا قُلِّدَ الْأَخْذَ وَحْدَهُ، أَوِ الْقِسْمَةَ وَحْدَهَا، لَمْ يَتَوَلَّ إِلَّا مَا قُلِّدَ، وَإِنْ أُطْلِقَ التَّقْلِيدُ تَوَلَّى الْأَمْرَيْنِ.
وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَامِلُ جَائِزًا فِي أَخْذِ الصَّدَقَةِ، عَادِلًا فِي قِسْمَتِهَا، جَازَ كَتْمُهَا عَنْهُ، وَجَازَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَادِلًا فِي الْأَخْذِ، جَائِزًا فِي الْقِسْمَةِ، وَجَبَ كَتْمُهَا عَنْهُ.
فَإِنْ أَخَذَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، لَمْ تُجْزِئْ، وَعَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ إِخْرَاجُهَا بِأَنْفُسِهِمْ. وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي «التَّهْذِيبِ» : أَنَّهُ إِذَا دَفَعَ إِلَى الْإِمَامِ الْجَائِرَ، سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ، وَإِنْ لَمْ يُوَصِّلْهُ الْمُسْتَحِقِّينَ، إِلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الدَّفْعِ إِلَى الْإِمَامِ وَإِلَى الْعَامِلِ.
قُلْتُ: لَا فَرْقَ، وَالْأَصَحُّ: الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَسْمُ النَّعَمِ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَوَسْمُ نَعَمِ الزَّكَاةِ وَالْفَيْءِ، لِتَتَمَيَّزَ، وَلِيَرُدَّهَا مَنْ وَجَدَهَا ضَالَّةً، وَلِيَعْرِفَ الْمُتَصَدِّقُ وَلَا يَمْتَلِكُهَا، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ، هَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَلْيَكُنِ الْوَسْمُ عَلَى مَوْضِعٍ صُلْبٍ ظَاهِرٍ، لَا يَكْثُرُ الشَّعْرُ عَلَيْهِ. وَالْأَوْلَى فِي الْغَنَمِ: الْآذَانُ. وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ: الْأَفْخَاذُ. وَيُكْرَهُ الْوَسْمُ عَلَى الْوَجْهِ.
قُلْتُ: هَكَذَا قَالَ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ.
وَقَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْأَقْوَى. وَقَدْ صَحَّ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» لُعِنَ فَاعِلُهُ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute