وَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِمَا عَلَى مُتْلِفِهِمَا، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، كَصَيْدِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ، بِخِلَافِ الصَّيْدِ. فَعَلَى هَذَا، ضَمَانُهُمَا بِالْقِيمَةِ، وَمَصْرِفُهُمَا مَصْرِفُ نَعَمِ الْجِزْيَةِ وَالصَّدَقَةِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَصْرِفُهُ بَيْتَ الْمَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الْمَحْظُورَاتُ، تَنْقَسِمُ إِلَى اسْتِهْلَاكٍ، كَالْحَلْقِ، وَإِلَى اسْتِمْتَاعٍ، كَالطِّيبِ. وَإِذَا بَاشَرَ مَحْظُورَيْنِ. فَلَهُ أَحْوَالٌ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا اسْتِهْلَاكًا، وَالْآخَرُ اسْتِمْتَاعًا، فَيَنْظُرُ، إِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ إِلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ، كَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَلِبْسِ الْقَمِيصِ، تَعَدَّدَتِ الْفِدْيَةُ كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَإِنِ اسْتَنَدَ إِلَى سَبَبٍ، كَمَنْ أَصَابَتْ رَأَسَهُ شَجَّةٌ وَاحْتَاجَ إِلَى حَلْقِ جَوَانِبِهَا وَسَتْرِهَا بِضِمَادٍ فِيهِ طِيبٌ، تَعَدَّدَتْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: تَتَدَاخَلُ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا اسْتِهْلَاكًا، وَهَذَا ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقَابَلُ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ الصَّيُودُ فَتَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ، سَوَاءً فَدَى عَنِ الْأَوَّلِ، أَمْ لَا، اتَّحَدَ الْمَكَانُ، أَوِ اخْتَلَفَ، وَالَى بَيْنَهُمَا أَوْ فَرَّقَ، كَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِمَّا يُقَابَلُ بِمِثْلِهِ، وَالْآخَرُ لَيْسَ مُقَابَلًا، كَالصَّيْدِ وَالْحَلْقِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُقَابَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَيَنْظُرُ، إِنِ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا، كَالْحَلْقِ وَالْقَلَمِ، تَعَدَّدَتْ، سَوَاءً فَرَّقَ أَوْ وَالَى فِي مَكَانٍ أَوْ مَكَانَيْنِ، بِفِعْلَيْنِ أَمْ بِفِعْلٍ، كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِدْيَتَانِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّهُ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute