للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَبِيعِ رَدِيئًا، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ. فَإِنْ رَضِيَ، لَمْ يَلْزَمِ الْمُشْتَرِيَ الرِّضَا بِمِثْلِهِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنَ الشَّفِيعِ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.

قُلْتُ: وَفِي هَذَا احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ خَرَجَ مَا دَفَعَهُ الشَّفِيعُ رَدِيئًا، لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا. وَقِيلَ: هُوَ كَخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.

فَصْلٌ

إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي، أَوْ غَرَسَ، أَوْ زَرَعَ، فِي الْمَشْفُوعِ، ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ، فَلَهُ الْأَخْذُ وَقَلْعُ بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ وَزَرْعِهِ مَجَّانًا، لَا بِحَقِّ الشُّفْعَةِ، بَلْ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ. وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا انْفَرَدَ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ، كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَقْلَعَ مَجَّانًا. وَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ الْمُشْتَرِي فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالتَّمْيِيزِ، ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ قَلْعُهُ مَجَّانًا، كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالَانِ. أَحَدُهُمَا: قَالَ الْمُزَنِيُّ: الْمُقَاسَمَةُ تَتَضَمَّنُ الرِّضَا مِنَ الشَّفِيعِ، وَإِذَا رَضِيَ بِتَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ؟ الثَّانِي أَنَّ الْقِسْمَةَ تَقْطَعُ الشَّرِكَةَ، فَيَصِيرَانِ جَارَيْنِ، وَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ. وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنِ الْأَوَّلِ، فَصَوَّرُوا صِحَّةَ الْقِسْمَةِ مَعَ بَقَاءِ الشُّفْعَةِ فِي صُوَرٍ.

مِنْهَا: أَنْ يُقَالَ لِلشَّفِيعِ: جَرَى الشِّرَاءُ بِأَلْفٍ، فَيَعْفُو وَيُقَاسِمُ، أَوْ أَنَّ الشِّقْصَ مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ فَيُقَاسِمُ، ثُمَّ بِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِدُونِ أَلْفٍ، وَأَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ بِالْبَيْعِ، فَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُقَاسِمَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْبَائِعِ بِإِخْبَارِهِ، أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>